لكلمة : «إلا» الأولى ، ولا تأثير لها فى ضبط كلمتى : «الرشيد والأمين» ، فكل واحدة منهما تعرب هنا بدل كل من كل (١) ، أو : عطف بيان من المستثنى الأول. ولو حذفنا كلمة : «إلا» التى جاءت للتكرار ما تغير الضبط ولا الإعراب ، فوجودها لا أثر له من هذه الناحية.
ولو قلنا : ما جاء القوم إلا هارون إلا الرشيد لصحّ فى كلمة : «الرشيد» الرفع أو النصب ، تبعا لكلمة : «هارون» التى يجوز فيها الأمران ، بسبب أن الاستثناء تام غير موجب. وكذلك ما جاء القوم إلا محمدا ، أو محمد ، إلّا الأمين ؛ فيجوز فى كلمة : «الأمين» الأمران للسبب السابق. فكأن «إلا» المكررة غير موجودة : إذ لا أثر لها فى الحكم الإعرابىّ.
ولو قلنا : ما اشتهر إلا هارون إلا الرشيد ، لوجب رفع كلمة «الرشيد» إتباعا لكلمة : «هارون» التى يجب رفعها ؛ بسبب أن الاستثناء مفرّغ. وكذلك الحال فى المثال الثانى (٢).
* * *
(ب) وقد يكون تكرارها لغير التوكيد اللفظىّ وإنما الغرض استثناء جديد : بحيث لو حذفت لم يفهم الاستثناء الجديد ، ولم يتحقق المراد منه ؛ فهى فى هذا الغرض كالأولى تماما ؛ كلتاهما تفيد استثناء مستقلا ؛ وفى هذه الحالة تتعدد الأحكام على الوجه الآتى :
١ ـ إن كان تكرارها فى كلام تام موجب فالمستثنيات كلها منصوبة فى كل الأحوال ؛ نحو ظهرت النجوم إلا الشمس ـ إلا القمر ـ إلا المرّيخ.
__________________
(١) البدل فى هذا المثال بدل كل من كل ، وفى غيره قد يكون بدل بعض ، أو : اشتمال ، أو : إضراب ؛ مثل : ما أعجبنى أحد ، إلا الطبيب الرحيم ، إلا وجهه ، أو : إلا عطفه ، أو : ما أعجبنى أحد ، إلا الطبيب الرحيم ، إلا المهندس المبتكر.
(٢) وفى «إلا» المكررة للتوكيد يقول ابن مالك :
وألغ إلّا ذات توكيد ؛ كلا |
|
تمرر بهم ، إلّا الفتى إلّا العلا |
يريد : اعتبر «إلا» ملغاة ، أى : غير موجودة ، إذا كانت للتوكيد ، وأردت أن تضبط ما بعدها.
ومثل لها بمثال هو : لا تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا. والعلا أو العلاء ، هو اسم الفتى. فالفتى هو : العلاء ، والعلاء هو الفتى. وهو بدل كل ، أو عطف بيان من كلمة : «الفتى». ولو حذفت «إلا» المكررة ما تغير الإعراب ؛ فوجودها وعدمها سيان من هذه الوجهة الإعرابية ، ـ كما شرحنا ـ.