(ب) إذا كانت أداة الاستثناء هى «إلا» ، المكررة (١) :
(ا) قد يكون تكرارها بقصد التوكيد اللفظىّ المحض ، وتقوية «إلا» الأولى الاستثنائية ، بغير إفادة استثناء جديد. ولهذه الحالة صورتان :
الأولى : أن تقع «إلا» التى تكررت للتوكيد اللفظى المحض ، بعد «الواو» العاطفة ـ ولا يصح أن تقع بعد غيرها من حروف العطف ـ نحو : أحب ركوب السفن إلا الشراعية ، وإلا الصغيرة. فالواو حرف عطف. «إلا» الثانية : للتوكيد اللفظىّ ، ولا تفيد استثناء. و «الصغيرة» معطوفة على «الشراعية» ؛ فهى مستثنى ، بسبب العطف ، لا بسبب «إلا» المكررة (٢). ولهذا يكون المستثنى المعطوف تابعا للمعطوف عليه فى ضبطه.
الثانية : ألّا تقع «إلا» التى جاءت للتكرار بعد حرف عطف ، ولكن يكون اللفظ الواقع بعدها مباشرة متفقا مع المستثنى الذى قبلها فى المعنى والمدلول. برغم اختلاف اللفظين فى الحروف الهجائية ، ويكون ضبط اللفظ بعد المكررة مبنيّا على افتراض أنها غير موجودة ؛ فوجودها وعدمها سواء من ناحية الحكم الإعرابى الذى يخصه. مثال ذلك رجل يقال له : هارون الرشيد ، أو : محمد الأمين ... أو ... نحو : جاء القوم إلا هارون إلا الرشيد ، اشتهر الخلفاء إلا محمدا إلا الأمين. فكلمة : «إلا» الثانية فى المثالين لا تفيد استثناء جديدا ، لأن «الرشيد» المقصود ، هو : «هارون» ، و «الأمين» هو : «محمد». وإنما أفادت الثانية توكيدا لفظيّا
__________________
(١) سبق الكلام على : «إلا» غير المكررة فى ص ٢٩٦.
(٢) وهذا الحكم ينطبق على جميع أنواع المستثنى الثلاثة إذا تكررت «إلا» وقد سبق مثال «التام الموجب» أما مثال «التام غير الموجب» فنحو : لا أحب ركوب السفن إلا البواخر ، وإلا الكبيرة. وأما مثال «المفرغ» فقول الشاعر :
لا يمنح النفس ما ترجوه من أرب |
|
إلا الطموح ، وإلا الجدّ ، والعمل |
وقول الآخر :
وما الفضل إلا أن تجود بنائل |
|
وإلا لقاء الخلّ ذى الخلق العالى |
فالمصدر المؤول بعد «إلا» ، الأولى خبر. أما الثانية فلمجرد التوكيد اللفظى ، والمصدر الصريح بعدها معطوف بالواو على المصدر المؤول.