فلا يصح : أقبل الجمع إلا ثعبانا. كذلك لا يصح أن يسبقه ما هو نص صريح فى خروجه وفقد تلك العلاقة ، فلا يجوز : صهلت الخيل إلا الإبل ، لأن الصهيل نص قاطع فى صوت الخيل وحدها ؛ فلا صلة بين المستثنى والمستثنى منه مطلقا ؛ فيصير الكلام خلطا وبترا. بخلاف صوّتت الخيل إلا الإبل.
(ز) تقدم ـ فى الحكم الثانى (١) ـ أن المستثنى فى الكلام التام غير الموجب يجوز فيه النصب والبدل. ويقول النحاة فى تفريع هذا البدل كلاما مرهقا غير مقبول ، والخير فى إهماله ؛ ومنه :
إذا تعذر البدل على اللفظ أبدل على الموضع. فمثل : ما جاءنى من أحد إلا البائع ... لا يجوز إعراب «البائع» بدلا مجرورا من لفظ : «أحد» ، لزعمهم أن كلمة : «أحد» مجرورة اللفظ بالحرف الزائد : «من» وهو حرف لا يزاد ـ غالبا ـ إلا فى كلام منفى ؛ كالمثال السالف ، وأن كلمة : «البائع» معناها مثبت ؛ (لأن الكلام الذى بعد «إلا» مناقض لما قبلها فى النفى والإثبات ، كما هو معروف) فإذا كان معناها مثبتا فكيف تكون بدلا من كلمة : «أحد» المنفية ، المجرورة لفظا بالحرف الزائد ، والبدل على نية تكرار العامل الذى يعمل فى المبدل منه؟ فكأنهم يقولون :
إنّ كلمة : «البائع» قبلها فى التقدير الحرف «من» الزائد الذى عمل الجر فى المبدل منه «أحد». ويترتب على هذا ـ عندهم ـ دخول «من» الزائدة الجارة فى كلام مثبت بعد «إلّا» ، وهى ـ فى الغالب ـ لا تكون إلا فى كلام منفىّ ، كما سبق. وفرارا من هذا الذى يرونه محظورا منعوا البدل بالجر من لفظة : «أحد» وأجازوا البدل بالرفع من محلها ؛ لأنها مجرورة بمن «لفظا» وفى محل رفع فاعل للفعل : جاء ، فالتقدير : جاء البائع.
ومثل : ليس اللص بشىء إلا رجلا تافها ، فقالوا لا يجوز إعراب كلمة : «رجلا» بالجر على اعتبارها بدلا من كلمة : «شىء» المجرور لفظها ؛ وإنما يجوز النصب على اعتبارها بدلا من محل كلمة : «شىء» ، وذلك للوهم السالف أيضا ؛ وهو أن المبدل منه (وهو كلمة : شىء) مجرور بالباء الزائدة ، وهذه
__________________
(١) ص ٢٩٧.