كذلك لا يكون المستثنى منه معرفة ، والمستثنى نكرة لم تخصص ؛ فلا يقال : قام القوم إلا رجلا ، فإن تخصصت جاز ؛ نحو : خرج القوم إلا رجلا منهم.
(و) عرفنا (١) أن المستثنى المنقطع ليس بعضا من المستثنى منه ، فليس فردا من أفراد نوعه ـ أى : من أفراد صنفه ـ ، وليس جزءا من أجزاء الفرد ؛ ـ كما سبق (٢) ـ فكيف يكون مستثنى وبينه وبين المستثنى منه هذا التخالف والتباين؟ كيف يكون المطروح مباينا جنس المطروح منه؟
قال النحاة :
١ ـ إن كان المستثنى المنقطع جملة (٣) ؛ مثل قوله تعالى : (فَذَكِّرْ ، إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ، إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ ...) أعربت هذه الجملة (٤) ، فى موضع نصب على الاستثناء ، و «إلا» أداة استثناء حرف ؛ بمعنى : «لكن» (الساكنة النون ، التى تفيد الاستدراك والابتداء معا ، وتقتضى أن تسبقها جملة ، وتدخل على جملة جديدة ـ اسمية أو فعلية ـ) (٥) ، فهى متوسطة بين جملتين ؛ فكأن التقدير ؛ لست عليهم بمسيطر ، لكن من تولى وكفر فيعذبه الله ...
__________________
(١) فى ص ٢٩٤.
(١) فى ص ٢٩٤.
(٢) يجوز وقوع المستثنى المنقطع جملة بنوعيها ، ويكون لها محل من الإعراب ـ كما سبق فى رقم ٣ من هامش ص ٣٠٥ ـ ، ولا داعى لاشتراط أن يكون الاستثناء مفرغا ، وأن يكون الفعل إما مضارعا ، وإما ماضيا مسبوقا بقد ، أو بماض قبل «إلا». فهذا الشرط الذى نص عليه «ياسين» فى حاشيته على «التصريح» عند الكلام على : «غير» التى للاستثناء ـ خالفه فيه الأكثرون ، ولعله غالب ، لا شرط لازم ؛ (كما سيجىء فى «ب» من ص ٣٢٤). فإن كان المستثنى متصلا جاز ـ فى القول الصحيح ـ وقوعه جملة ، برغم ما فى حاشية ياسين ج ١ ، الباب الخامس من أبواب النيابة ، عند الكلام على جر الممنوع من الصرف بالكسرة لإضافته ـ.
(٣) هى جملة اسمية ، المبتدأ «من» اسم موصول بمعنى الذى ، مبنى على السكون فى محل رفع ـ «تولى» ، فعل ماض ، الفاعل ، ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة لا محل لها من الأعراب صلة الموصول ... «فيعذبه» ؛ الفاء زائدة ، داخلة على جملة الخبر. «يعذبه الله» جملة من مضارع وفاعله ومفعوله فى محل رفع ؛ خبر المبتدأ ، والجملة من المبتدأ وخبره فى محل نصب على الاستثناء ـ وقد سبق بيان المواضع التى تزاد فيها الفاء فى الخبر ، ج ١ م ٤١ ص ٤٨٧ آخر باب المبتدأ والخبر ـ.
(٤) فهى تقتضى ـ بعد الجملة السابقة عليها ـ الدخول على جملة جديدة ، زيادة على ما تفيده من الاستدراك (وقد مر شرح الاستدراك وتفصيل أحكامه فى ج ١ ص ٤٧٢ م ٥١).