بعد أن سبقهما معا المستثنى منه. وإذا كان المستثنى منه اسم موصول لم يجز تقديمه على الصلة ، لأنه لا يصح الفصل بين الموصول وصلته بالمستثنى.
وإذا كان للاسم الواقع بعد إلا ـ مباشرة ـ أو لغيره مما بعدها معمول ؛ فإنه لا يجوز تقديمه عليها ؛ ففى مثل : ما أنا إلا طالب علما ـ لا يصح : ما أنا علما إلا طالب. وإذا كان قبلها عامل له معمول ، فإنه لا يجوز تأخير هذا المعمول عنها ؛ ففى مثل ما يجيد الناشئون الخطابة إلا الأديب ـ أو مثل : ما يحرص على الأدب إلا الأديب ... لا يصح أن يقال : ما يجيد الناشئون إلا الأديب الخطابة ـ ولا ما يحرص إلا الأديب على الأدب. وبعض النحاة يجيز تأخير هذا المعمول إذا كان شبه جملة ، أو حالا ، ويؤيد رأيه بأمثلة كثيرة فصيحة تجعله مقبولا ؛ فيصح أن يقال : يتكلم الخطباء ـ إلا المريض ـ واقفين ... يعترف الإجانب ـ إلا بعضهم ـ بعظمة العرب ... تتصافى النفوس إلا الخبيثة ـ أمام الخطر.
ويصح تقديم المستثنى على صفة المستثنى منه ؛ ففى مثل : ما كرّمت الأمة المتحضرة إلا النابغين ... يصح أن يقال : ما كرّمت الأمة إلا النابغين المتحضرة.
(ح) تعددت الآراء فى الناصب للمستثنى ؛ فقيل : «إلا» ، وقيل : العامل الذى قبلها بمساعدتها. وقيل فعل محذوف تقديره : أستثنى ... و... ولا أثر لهذا الخلاف النظرى فى أحكام المستثنى ، وضبطه ؛ فالخير فى إغفاله ؛ اكتفاء بأن نقول فى الإعراب : المستثنى منصوب على الاستثناء. ولعل أقوى الآراء أنه منصوب بالفعل قبلها ، أو بغيره مما يعمل عمله (١). إلا المستثنى المنقطع فعامله هو : «إلا». ونحن فى غنى عن التّعرض لأقواها وغيره إلا حين يعرض أمر يختص بالعامل ـ وهذا قليل ـ وعندئذ يرجح الفعل أو ما يعمل عمله كالحالات السالفة التى يجوز فيها تقدم المستثنى على عامله أو عدم تقدمه.
(د) وردت أمثلة مسموعة وقع فيها المستثنى غير منصوب ، مع أن الكلام تام موجب ؛ ومنها قوله تعالى : (فشربوا منه إلا قليل منهم) فى قراءة كلمة :
__________________
(١) فإن لم يوجد قبلها فعل أو غيره مما يعمل ـ نحو : الزملاء أخوة إلا الغادر ـ أمكن تأويله بما يعمل ، أى : الزملاء منتسبون للأخوة إلا الغادر.