زيادة وتفصيل :
(ا) يتردد فى فصيح الأساليب الواردة أسلوب مطّرد ، يحوى نوعا آخر من التفريغ ، يخالف ما سبق. وضابط هذا النوع : أن يكون الكلام مشتملا على جملة قسميّة ، ظاهرها مثبت ، ولكن معناها منفى ، وجواب القسم جملة فعلية ماضوية لفظا ، مستقبلة معنى ، مصدّرة «بإلا» ؛ نحو : سألتك بالله إلّا نصرت المظلوم ـ ناشدتك الله إلّا تركت الإساءة ... حلفت بربى إلا عاونت الضعيف ، وقول الشاعر :
بالله ربك إلّا قلت صادقة |
|
هل فى لقائك للمشغوف من طمع |
فالاستثناء فى الأمثلة السابقة ـ ونظائرها ـ مفرغ يقتضى أن يكون للكلام فى معناه غير تام ، وغير موجب ، فالمراد : (ما سألتك بالله ... إلا نصرك) ـ (ما ناشدتك الله ... إلا ترك الإساءة ...) ـ (ما حلفت بربى ... إلا على معاونة الضعيف). ـ (ما حلفت بالله ربك ... إلا على قولك صادقة ...) فقد اجتمع فى الكلام الأمران معا تقديرا ؛ (وهما عدم التمام وعدم الإيجاب) واجتمع معهما أمر ثالث ؛ هو : أن الفعل ـ مع فاعله ـ به «إلا» مؤول بمصدر منسبك بغير سابك ، ليمكن إعراب هذا المصدر على حسب ما تحتاج إليه الجملة قبل «إلا» ، أى : على حسب ما يقتضيه «التفريغ» ؛ ـ تطبيقا لحكم «الاستثناء المفرغ». فيكون مفعولا به فى المثال الأول ، (وهو : سألتك بالله إلا نصرت الضعيف) ، أى : ما سألتك بالله إلا نصرك الضعيف ، ويكون شيئا آخر غير مفعول به ـ إذا اقتضى الكلام غيره ؛ لعدم صلاحية المفعول به ويجرى هذا التأويل والسبك فى بقية الأمثلة ، وأشباهها مما يطرد صوغه على النمط الوارد الموافق للمأثور (١).
__________________
(١) جاء فى الدرر اللوامع ، شرح همع الهوامع ـ ج ٢ ص ٤٦ ـ بمناسبة البيت السالف ، وهو : (بالله ربك إلا قلت صادقة ... إلخ) ما ملخصه : أن البيت المذكور يذكر شاهدا على تصدير جواب القسم بالحرف «إلا» ، وأن التقدير فيه : أسألك بالله إلا قلت ، والاستثناء مفرغ. والمعنى : ما أسألك إلا قولك ، فالمثبت لفظا ، منفى معنى ، ليتأتى التفريغ. والفعل ـ مع فاعله ـ مؤول بالمصدر ليتأتى فيه المفعولية ... فإن قام الاعتراض بأن تأويل الفعل ـ مع فاعله ـ بالمصدر من غير سابك هو تأويل شاذ غير قياسى ، وأنه ـ