عنه ، وصار معربا على حسب حاجة الجملة ، لأن الكلام يصير : «مفرّغا». أما المستثنى منه الذى تأخر فيزول عنه اسمه أيضا ، ويعرب «بدل كلّ من كلّ» من المستثنى الذى تقدم وتغير حاله (١).
__________________
(١) وفيما سبق من الأحوال الثلاثة وأحكامها يقول ابن مالك :
ما استثنت «الّا» مع تمام ينتصب |
|
وبعد نفى أو كنفى انتخب : |
إتباع ما اتّصل ، وانصب ما انقطع |
|
وعن تميم فيه إبدال وقع |
يريد : ما استثنته «إلا» (أى : كانت أداة استثنائه) وكان تاما ، فإنه ينصب. ولم يذكر الإيجاب مع شرط التمام ؛ لأنه مفهوم من المقابلة الواردة فى الشطر الثانى من البيت ، حيث نص على أنه بعد النفى وشبه النفى يكون المختار هو الإتباع مع المستثنى المتصل ، والنصب وحده مع المنقطع. إلا عند تميم فإنهم يجوزون فى المنقطع الإبدال أيضا. ففهم من هذا أن الأول لا بد أن يكون موجبا. وهذه تفريعات لا داعى لها ؛ والحكم المستصفى يتلخص فيما قلناه من أن المستثنى التام فى الكلام الموجب ينصب فى جميع صوره ، وأن المستثنى فى الكلام التام غير الموجب يجوز فيه أمران : النصب ، والإبدال. ولا أهمية لكثرة أحد الأمرين على الآخر كثرة نسبية (أى : بالنسبة لذلك الآخر ، بحيث لا تنزل القلة إلى حد القلة الذاتية) أو لاستعمال قبيلة دون الأخرى ، ما دام الضبط صحيحا وكثيرا فى نفسه ، دون أن تكون قلته ذاتية.
ثم عرض بعد ذلك لحالة المستثنى المتقدم حين يكون الكلام تاما غير موجب فبين أن غير النصب ـ وهو : «البدل» ـ قد يجوز ، ولكن النصب هو المختار. فالأمران جائزان ، قياسيان ، ولكن أحدهما أكثر فى الاستعمال من الآخر كثرة نسبية ؛ يقول :
وغير نصب سابق فى النّفى قد |
|
يأتى. ولكن نصبه اختر إن ورد |
ثم انتقل للكلام على الاستثناء المفرغ فقال :
وإن يفرّغ سابق «إلّا» لما |
|
بعد يكن كما لو الّا عدما |
أى : إذا كان الكلام قبل إلا مفرغا (متجها للعمل فيما بعدها) فإن تأثيره فيما بعدها يقوم على افتراض أنها غير موجودة. وعلى هذا الفرض نضبط ما بعدها ؛ فقد يكون فاعلا ، أو مفعولا ، أو مبتدأ ، أو خبرا ... على حسب حاجة ما قبلها.