١ ـ فيراد بالأساليب الإنشائية الطلبية هنا : ما يكون فيها المصدر النائب دالّا على أمر ، أو نهى ، أو دعاء ، أو توبيخ ، والكثير أن يكون التوبيخ مقرونا بالاستفهام (١) ؛ فمثال الأمر أن تقول للحاضرين عند دخول زعيم : قياما. بمعنى : قوموا ، وأن تقول لهم بعد دخوله واستقراره : جلوسا. بمعنى : اجلسوا. فكلمة : «قياما» مصدر (أو : مفعول مطلق) منصوب بفعل الأمر المحذوف وجوبا. والمصدر نائب عنه فى الدلالة على معناه ، وفى تحمل ضميره المستتر الذى كان فاعلا (٢) له ؛ فصار بعد حذف فعله فاعلا للمصدر. ومثل هذا يقال فى : «جلوسا» وأشباههما. والأصل قبل حذف العامل وجوبا : قوموا قياما ـ اجلسوا جلوسا.
ومثال النهى أن تقول لجارك وقت سماع محاضرة ، أو خطبة ... سكوتا ، لا تكلما ؛ أى : اسكت ، لا تتكلم. فكلمة : «سكوتا» مصدر ـ أو : مفعول مطلق ـ منصوب بفعل الأمر المحذوف وجوبا ، والذى ينوب عنه المصدر فى أداء معناه. وفاعل المصدر مستتر وجوبا ، تقديره : أنت ؛ وقد انتقل إليه هذا الفاعل بعد حذف فعل الأمر على الوجه السالف. وكلمة : «لا» ناهية ، و «تكلما» :
__________________
ـ ناحية أنه معروف بهذا أو بذاك. مثل : نزل المطر أمس. فهى جملة صالحة لأن توصف بأنها ـ فى حد ذاتها ـ صادقة أو كاذبة ...
والجملة الإنشائية هى التى يطلب بها إما حصول شىء ، أو عدم حصوله ، وإما إقراره والموافقة عليه ، أو عدم إقراره ؛ فلا دخل للصدق أو الكذب فيها.
وهى قسمان ؛ إنشائية طلبية ، أى : يراد بها طلب حصول الشىء أو عدم حصوله ، وتشمل الأمر ، والنهى ، والدعاء ، والاستفهام ، والتمنى ، والعرض ، والتحضيض ... ، ـ كما هو مدون فى المصادر الخاصة بالبلاغة ـ. وإنشائية غير طلبية وهى التى يراد منها : إعلان شىء والتسليم به ، وتقرير مدلوله ، من غير أن يصحب هذا الإعلان والتسليم طلب أمر آخر ، ـ كما سيجىء فى ص ٢١١ ـ وتشمل جملة التعجب ـ فى الرأى الشائع ـ وجملة المدح والذم بنعم وبئس ونظائرهما ، وجملة القسم نفسه ، لا جملة جوابه ... وصيغ العقود التى يراد إقرارها ؛ مثل : بعت ، وهبت ... إلى غير هذا مما فى المرجع السابق.
(١) انظر رقم ٤ من هامش الصفحة الآتية.
(٢) ذلك أن فعل الأمر المحذوف ، له فاعل لم يحذف. فلما ناب المصدر عن فعل الأمر المحذوف انتقل فاعله إلى المصدر النائب ، وصار فاعلا له بعد أن كان فاعلا لفعل الأمر المحذوف ؛ فالمصدر متحمل لضمير عامله. وقيل : إن المصدر ناب عن الفعل المحذوف وعن فاعله معا ؛ فلا يحتاج لفاعل ... وقيل ... والرأى الأول أحسن ، لأنه يساير القواعد النحوية العامة. والثانى أخف وأيسر. ولا تأثير لاختلافهما فى الاستعمال الكلامى والكتابى.