بقى أن نذكر حالة (١) لا يصح فيها حذف ضمير الاسم المتنازع فيه ، ولا إعمال الأول المهمل فيه ، وإنما يجب أن يحل محله اسم ظاهر ؛ وهذه الحالة هى التى يكون فيها الفعل الأول المهمل محتاجا إلى مفعول به ، أصله عمدة ، فلا يحذف (٢) ولو أضمرناه لترتب على إضماره عدم مطابقته لمرجعه الاسم الظاهر ؛ نحو : (يظنانى ، وأظن الزميلين أخوين ـ أخا). فكلمة : «أظن» مضارع ، فاعله مستتر ، تقديره : «أنا». وهذا المضارع محتاج إلى مفعولين ، أصلهما : المبتدأ والخبر ؛ فلا يحذف واحد منهما. «الزميلين» مفعوله الأول. «أخوين» : مفعوله الثانى. إلى هنا استوفى العامل الأخير مفعوليه. بقى أن يستوفى المتقدم المهمل (وهو : «يظنان») مفعوليه. فالفعل «يظنان» مضارع. فاعله : «ألف الاثنين» و «الياء». مفعوله الأول. فأين مفعوله الثانى؟
لو جئنا به ضميرا مطابقا للمفعول الأول فقلنا : يظنانى ـ وأظن الزميلين أخوين إياه ـ لتحققت المطابقة بين المفعول الثانى : «إياه» والمفعول الأول : «الياء» وهى المطابقة الواجبة بين المبتدأ ، والخبر أو ما أصلهما المبتدأ والخبر. ولكن تفوت المطابقة بين الضمير : «إياه» الذى للمفرد ، ومرجعه المثنى ، وهو : «أخوين».
ولو جئنا به مثنى ؛ فقلنا : يظنانى ـ وأظن الزميلين أخوين ـ إياهما ، لتحققت المطابقة الواجبة بين الضمير ومرجعه ؛ فكلاهما للتثنية. وضاعت بين المفعول الثانى ، الدال على التثنية ، والمفعول الأول وهو «الياء» الدالة على المفرد ، مع أن المطابقة بينهما لازمة ؛ لأنهما فى الأصل مبتدأ وخبر.
فللخروج من هذا الحرج نأتى بالمفعول الثانى اسما ظاهرا ؛ فنقول. يظنانى وأظن الزميلين أخوين ـ أخا. ولا تكون المسألة من باب «التنازع» (٣).
فإن كان المفعول : «المتنازع فيه» ليس عمدة فى أصله ، وكان العامل هو المتأخر ، فالأحسن حذف المعمول ؛ نحو : عاونت وعاوننى الجار. وليس من الأحسن أن يقال : عاونته وعاوننى الجار.
__________________
(١) وهى التى أشرنا إليها فى رقم ١ من هامش ص ١٨٤ عند إعمال الأول ، وإهمال الأخير.
(٢) بالرغم من جواز الحذف فى غير التنازع ـ انظر «ا» من ص ١٩٠.
(٣) فهى فى هذا كالتى سبقت فى ص ١٨٤.