إن «الياء» ضمير ، وهى مفعوله الأول. وبقى مفعوله الثانى ، فلو أتينا به ضميرا أيضا ، فقلنا : أظن ـ ويظنانى إياه ـ محمودا وعليّا أخوين ، أى : أظن محمودا وعليّا أخوين ويظنانى إياه ـ لكان (إياه) مطابقا فى الإفراد «للياء» التى هى المفعول الأول ؛ فتتحقق المطابقة بينهما ، على اعتبار أن أصلهما مبتدأ وخبر ، كما هو الشأن فى مفعولى : «ظن وأخواتها» ولكنها لا تتحقق بين الضمير «إياه» وما يعود عليه ؛ وهو : «أخوين» ؛ إذ «إياه» ضمير للمفرد ، ومرجعه دال على اثنين ؛ فتفوت المطابقة بين الضمير ومرجعه. وهذا غير جائز. ولو أتينا بالضمير الثانى مثنى فقلنا : أظنّ ـ ويظنانى إياهما ـ محمودا وعليّا ، أخوين ـ لتحققت المطابقة بين الضمير ومرجعه ؛ فكلاهما لاثنين ، ولكن تفوت المطابقة بين المفعول الثانى والمفعول الأول ، مع أن الثانى أصله خبر عن الأول ، ولا بد من المطابقة بين المبتدأ والخبر ، أو ما أصلهما المبتدأ أو الخبر ، كما أشرنا.
فلما كان الإضمار هنا يوقع فى الخطأ وجب العدول عنه إلى الإظهار الذى يحقق الغرض ، ولا يوقع فى الخطأ ، فنقول : أظن ـ ويظنانى أخا ـ محمودا وعليّا أخوين. أى : أظن محمودا وعليّا أخوين ، ويظنانى أخا. وفى هذه الصورة لا تكون المسألة من باب التنازع(١).
٣ ـ إذا أعملنا الأخير ، وأهملنا الأول ، وجب الاستغناء عن تعويض الأول المهمل ؛ فلا نلحق به ضمير المعمول (المتنازع فيه) ولا ما ينوب عن ذلك الضمير. إلا فى ثلاث حالات ، لا بد فى كل واحدة من الإتيان بضمير مطابق للمعمول ، المتأخر عن هذا الضمير (وفى الحالات الثلاث يجوز عودة الضمير على متأخر لفظا ورتبة (٢).
الأولى : أن يكون المعمول المتأخر مرفوعا ، كأن يكون فاعلا مطلوبا لعاملين ـ أو أكثر ـ وكل عامل يريده لنفسه ؛ نحو : شرب وتمهل العاطش. فإذا أعملنا
__________________
(١) لهذه الحالة نظير (فى ص ١٨٧) ولكن عند إعمال الأخير وإهمال الأول.
(٢) كما سبق فى بابى الضمير ، والفاعل. ج ١ ص ١٨٤ م ٢٠.