__________________
ـ الشاعر يخاطب نفسه :
فأين إلى أين النّجاة ببغلتى؟ |
|
أتاك أتاك اللّاحقون احبس احبس |
فلو كان فى الكلام تنازع لقال : أتاك أتوك اللاحقون ، أو : أتوك أتاك اللاحقون ، تطبيقا لأحكام التنازع.
والحق أن كلا الرأيين لا يصلح للأخذ المطلق أو الرفض المطلق ؛ لمجرد أنه منسوب لهذا أو لذاك وإنما الذى يعول عليه عند عدم الضمير البارز هو الأخذ بما يساير المعنى ويحقق الغرض ؛ فيجب أن أن تكون المسألة من باب التوكيد اللفظى وحده ـ ولا دخل للتنازع فيها ـ حين يقتضى المقام تحقيق غرض من أغراض التوكيد اللفظى ، وفى مقدمتها إزالة شك يحيط بالعامل وحده ؛ كأن يجرى الحديث عن سقوط المطر عدة أيام متوالية ؛ فيقول أحد الحاضرين : لم يسقط المطر أمس .. فيرد آخر : سقط سقط المطر أمس. ففى هذه الصورة يدور الشك حول الفعل : «سقط» وحده دون فاعله ؛ إذ ليس هناك شك فى أن الذى سقط هو : المطر ، وليس حجرا ، ولا حديدا ، ولا خشبا .. و.
أما فى صورة أخرى يدور الشك فيها حول العامل ومعموله معا فإن إزالة الشك عنها قد تكون بتكرار الجملة كلها ، وتكرارها قد يدخلها فى باب التنازع ، ولا سيما مع وجود الضمير البارز. مثال ذلك : أن يدور الحديث حول عدم حضور أحد من الغائبين ؛ بأن يقول قائل : لم يحضر أحد من الغائبين. فيرد آخر : حضر حضر أخى ، أو حضر حضرا المجاهدان ، أو حضرا حضر المجاهدان ... فالمقام هنا يقتضى أن تكون المسألة من باب «التنازع» ، وليست من توكيد الجملة الفعلية بأختها ؛ لأن توكيد الجملة الفعلية بنظيرتها الفعلية يقتضى تكرار لفظى الفعل والفاعل فى كل واحدة منها ـ كما هو مدون فى باب التوكيد ج ٣ ـ.