فى مثل : أعبد وأخاف الله. أو أن يكون العامل المتأخر جوابا معنويّا عن السابق ؛ نحو قوله تعالى : (يَسْتَفْتُونَكَ ، قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ)(١). أى : يستفتونك فى الكلالة ، قل الله يفتيكم فى الكلالة ... أو جوابا نحويّا ، كجواب الأمر وغيره مما يحتاج لجواب ؛ نحو : أنشد ، أسمع القصيدة. أو يكون المتأخر معمولا للسابق ؛ نحو قوله تعالى : (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً،) أو أن يكون العاملان خبرين عن اسم ؛ نحو : الحاكم مكافئ معاقب المستحق ... (ح) يقع التنازع فى أكثر المعمولات ، ومنها : المفعول به ، والمفعول المطلق ، والمفعول لأجله ، وشبه الجملة ، دون الحال والتمييز ـ على الأصح ـ.
(د) ليس من التنازع «التوكيد اللفظى» ؛ كالذى فى قولهم : «هيهات هيهات العقيق ومن به ...» لأن شرط التنازع : أن يكون المعمول مطلوبا لكل واحد من العاملين من حيث المعنى. وأن يوجد الضمير ـ إذا كان مرفوعا ـ فى العامل المهمل ، وهو غير موجود فى هذا التوكيد ، إذ الطالب للمعمول إنما هو كلمة : «هيهات» الأولى ؛ فهى وحدها المحتاجة للعقيق ؛ لتكون فاعلها ، والإسناد بينهما. أما كلمة : «هيهات» الثانية فلم تجئ للإسناد إلى العقيق ؛ وهى خالية من الضمير المرفوع ؛ وإنما جاءت لمجرد تأكيد الأولى وتقويتها ؛ فالأولى هى المحتاجة للفاعل ، أما الثانية فلا تحتاج لفاعل ؛ ولا لغيره ، فليست عاملة ، ولا معمولة ؛ شأن نظائرها التى تجىء للتوكيد اللفظى. ومثل هذا : جاءك الراغبون فى معرفتك (٢).
__________________
(١) الكلالة : الميت الذى ليس له والد ولا ولد ، أو : الوارث الذى ليس بولد ولا ولد للميت.
(٢) فريق من النحاة يدخل هذين المثالين وأشباههما فى باب التنازع ، ويجرى عليهما أحكامه ؛ بأن يكون العامل هو الأول ، وفى الثانى ضمير مستتر ، أو العكس مع مراعاة التفصيل الخاص بأحكام الضمير فى باب التنازع. وفى هذه الحالة لا يكون العامل الثانى من باب التوكيد اللفظى ؛ لأن العامل الثانى فى بابه زائد للتوكيد اللفظى ؛ فلا فاعل له ـ فى الرأى الشائع ـ فلا يتحمل ضميرا ، كما سيجىء فى باب التوكيد من الجزء الثالث ، ص ٤٢٥ م ١١٦.
والذين يقولون إن التوكيد اللفظى لا يصلح للتنازع يستدلون بأمثلة مسموعة ؛ منها قول ـ