من الأمثلة السالفة ـ وأشباهها ـ نعرف أن الأفعال (١) قد تتعدد فى الأسلوب الواحد ، ويحتاج كل منها إلى معمول خاص به ، ولكن لا يوجد فى الكلام إلا بعض معمولات ظاهرة ، تكفى بعض الأفعال دون بعض ، مع حاجة كل فعل إلى معمول خاص به ؛ فتتزاحم تلك العوامل الكثيرة على المعمولات القليلة ، وكأنها تتنازع ليظفر كل منها وحده بالمعمول ، ولهذا يسمى الأسلوب : «أسلوب التنازع» (٢). ويعرفه النحاة بأنه :
«ما يشتمل على فعلين ـ غالبا (٣) ـ ، متصرفين (٤) ، مذكورين ، أو على اسمين يشبهانهما فى العمل ، أو على فعل واسم يشبهه فى العمل ، وبعد الفعلين وما يشبههما معمول مطلوب (٥) لكل من الاثنين السابقين».
والفعلان أو ما يشبههما يسميان : «عاملى التنازع» ، والمعمول يسمى : «المتنازع فيه».
فلا بد فى التنازع من أمرين ؛ أولهما : تقدم فعلين أو ما يشبههما فى العمل ، وكلاهما يريد المعمول. ثانيهما : تأخير المعمول عنهما.
فمثال تقدم العاملين وهما فعلان متصرفان : تصدّق وأخلص الصالح. ومثال تقدّم العاملين وهما اسمان مشتقّان يعملان عمل الفعل : المؤمن ناصر ومساعد الضعيف. ومثال المختلفين : دراك وساعد الملهوف ؛ بمعنى أدرك وساعد. وهكذا الصور (٦) الأخرى التى تدخل فى التعريف.
__________________
(١) مثل الأفعال ما يشبهها مما يعمل عملها ـ كما سيجىء هنا ـ
(٢) ويسميه بعض النحاة القدامى : «الإعمال».
(٣) سنعرف ـ فى ص ١٧٨ ـ أنه يجوز أن تزيد العوامل على اثنين مع زيادة المعمولات أو عدم زيادتها ، ويشترط فى كل الحالات أن يزيد عدد العوامل على عدد المعمولات فى الكلام ؛ لكى ينشأ «التنازع».
(٤) إلا «فعل التعجب» فيجوز أن يكونا عاملين فى «التنازع» مع أنهما جامدان ـ كما فى الصفحة التالية ـ.
(٥) من حيث المعنى والعمل معا ، ولو كان عملهما مختلفا. وسيجىء فى الزيادة والتفصيل نوع المعمول.
(٦) كأن يكون الفعلان معا من نوع واحد (للماضى ، أو المضارع ، أو للأمر) وقد يكونان مختلفين فى بعض الصور ، وقد يكون أحد العاملين فعلا والآخر اسما يشبهه ، وقد يكون الفعل هو المتقدم أو الاسم الذى يشبه ...