المسألة ٧٣ :
التنازع فى العمل (١)
(ا) فى مثل : وقف وتكلم الخطيب ـ نجد فعلين لا بد لكل منهما من فاعل ، وليس فى الكلام إلا اسم ظاهر واحد ، يصلح أن يكون فاعلا لأحدهما ، وهذا الاسم الظاهر هو : «الخطيب». فأى الفعلين أحق بالفاعل؟ وإذا فاز به أحدهما فأين فاعل الفعل الثانى؟
(ب) وفى مثل : سمعت وأبصرت القارئ ـ نجد فعلين أيضا ، يحتاج كل منهما إلى مفعول به منصوب. وليس فى الكلام ما يصلح أن يكون مفعولا به إلا شيئا واحدا ؛ هو : «القارئ» فأيهما أحق به؟ وإذا فاز به أحدهما فأين مفعول الفعل الثانى؟
(ح) وفى مثل : أنشد وسمعت الأديب : نجد فعلين يحتاج أحدهما إلى مرفوع يكون فاعلا ، ويحتاج الآخر إلى منصوب ، يكون مفعولا به ، فمطلب كل منهما يخالف الآخر ـ على غير ما فى الحالتين السالفتين ـ وليس فى الكلام إلا لفظة : «الأديب» التى تصلح لأحدهما. فأىّ الفعلين أولى بها؟ وما نصيب الآخر بعده؟
(د) وفى مثل : أنست وسعدت بالزائر ، نجد كلّا من الفعلين محتاجا إلى الجار مع مجروره (٢) ؛ ليكمل المعنى ، فأى الفعلين أولى؟ وما نصيب الآخر بعد ذلك؟
__________________
(١) لنا فى هذا الباب وفى أحكامه رأى خاص ، نراه أنسب ، وقد سجلناه فى آخره ص ١٩٠.
(٢) أوضحنا فى باب : «تعدى الفعل ولزومه» ص ١٤٥ ـ وفى حروف الجر ـ ص ٤٠٦ ـ أن لمجرور للتعدية فى هذا المثال وأشباهه يعد فى المعنى بمنزلة المفعول به ، فهو فى حكم المنصوب محلا ، برغم أنه مجرور لفظا ، ولا يجوز فى الرأى الأحسن مراعاة المحل إذا جاء تابع بعده.
وفى باب التنازع قد يتكلم النحاة أحيانا عن العامل الذى ينصب المفعول به لفظا ، والذى ينصبه محلا. يريدون بالأول ما يصل إليه العامل بنفسه ، وبالثانى : ما يصل إليه بحرف الجر.