حذف المفعول به :
الأغلب أن يؤدى المفعول به معنى ليس أساسيّا (١) فى الجملة ؛ فيمكن الاستغناء عن المفعول به من غير أن يفسد تركيبها ، أو يختل معناها الأساسىّ ، ولهذا يسمونه : «فضلة» (وهى اسم يطلقه النحاة على كل لفظ معناه غير أساسىّ فى جملته) بخلاف المبتدأ ، أو الخبر ، أو الفاعل ، أو نائبه ... أو غير هذا من كل جزء أصيل فى الجملة لا يمكن أن تتكون ولا أن يتم معناها الأساسىّ إلا به ، مما يسميه النحاة «عمدة».
بالرغم من أن المفعول به فضلة ـ فقد تشتد الحاجة إليه أحيانا ؛ فلا يمكن الاستغناء عنه فى بعض المواضع ، ولا يصح حذفه فيها كما سنرى. أما فى غيرها فيجوز حذفه ـ واحدا أو أكثر ـ لغرض لفظىّ ، أو معنوى.
فمن اللفظىّ : المحافظة على وزن الشعر ، كقول شوقى :
ما فى الحياة لأن تعا |
|
تب أو تحاسب متّسع |
(أى : تعاتب المخطئ أو تحاسبه (٢)) ... والمحافظة على تناسب الفواصل (٣) ؛ نحو قوله تعالى مخاطبا رسوله الكريم : (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ـ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) ، وقوله : (وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى)(٤) ـ ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٥) فحذف مفعول الفعل : «يخشى» ولم يقل : «يخشاه» أو : يخشى الله ؛ لكى تنتهى الجملة الثانية بكلمة مناسبة فى وزنها لكلمة : «تشقى» التى انتهت بها الجملة الأولى. ومثل هذا الفعل : «قلا» الذى حذف مفعوله ؛ ليكون مناسبا فى وزنه للفعل : «سجا».
__________________
(١) هذا فى غير مفعولى «ظن» وأخواتها ، لأن أصلهما المبتدأ والخبر ـ غالبا ـ ، فهما عمدتان بحسب أصلهما ، (كما سبق فى رقم ٣ من هامش ص ٣ وقد سبق الكلام على حذفهما فى ص ٥٣ م ٦٣).
(٢) ومثل قول الشاعر :
شكرتك ؛ إن الشكر فرع من التقى |
|
وما كل من أوليته نعمة يقضى |
يريد : يقضى حقها من الشكر .. ، أو يقضى شكرها ...
(٣) الكلمات التى فى نهاية الجمل المتصلة اتصالا معنويا.
(٤) هدأ وسكن ، وخلا من الرياح والعواصف ، وأشباهها.
(٥) كره.