والرغبة فى الإيجاز ؛ نحو : دعوت البخيل للبذل ، فلم يقبل ، ولن يقبل. أى : لم يقبل الدعوة ، أو البذل ، ولن يقبل الدعوة أو البذل ...
ومن المعنوى : عدم تعلق الغرض به ، كقول البخيل لمن يعيبه بالبخل : طالما أنفقت ، وساعدت ، وعاونت ؛ أى : طالما أنفقت المال ، وساعدت فلانا ، وعاونت فلانا (١).
أو : الترفع عن النطق به ؛ لاستهجانه ، أو : لاحتقار صاحبه ، أو نحو هذا من الدواعى البلاغية وغير البلاغية.
فإذا اشتدت حاجة المعنى إلى ذكر المفعول به بحيث يختل أو يفسد بحذفه لم يجز الحذف ؛ كأن يكون المفعول به هو الجواب المقصود من سؤال معين ؛ مثل : ما ذا أكلت؟ فيجاب : أكلت فاكهة. فلا يجوز حذف المفعول به : «فاكهة» لأنه المقصود من الإجابة.
أو : يكون المفعول به محصورا ؛ نحو : ما أكلت إلا الفاكهة.
أو : يكون مفعولا به متعجبا منه بعد صيغة : «ما أفعل» التعجبية ، نحو : ما أحسن الحرية.
أو : يكون عامله محذوفا ؛ نحو قول القائل عند نزول المطر : خيرا لنا ، وشرا لعدونا ، أى : يجلب خيرا ...
وليس هذا الحذف مقصورا على مفعول الفعل المتعدى لواحد ؛ بل يشمله ويشمل المفعول الأول وحده ، أو الثانى وحده ، أو هما معا للفعل الذى ينصب مفعولين ؛ مثل : «ظن» وأخواتها. وكذلك يشمل المفعول الثانى والثالث ـ دون الأول (٢) ـ للأفعال التى تنصب ثلاثة ؛ مثل : «أعلم وأرى» كما سبق الكلام على هذا وإيضاحه بالأمثلة (٣).
* * *
__________________
(١) وقد حذفت المفعولات ؛ لأن الغرض الهام من الجملة ليس فلانا وفلانا من الأشخاص المعينة ؛ إنما الغرض هو : البذل والإعطاء لهذا أو لذاك بغير تعيين. ومن هذا قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ....) أى : أعطى المال واتقى الله ... وقوله : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ؛) أى يعطيك الخير ؛ فترضاه.
(٢) لأنه فى الأصل فاعل ، وقد صيرته همزة النقل مفعولا به (راجع البيان الخاص بهذا فى ص ٥٣ ثم فى ص ٥٧).
(٣) فى ص ٥٧.
وقد اقتصر ابن مالك على بعض مواضع الحذف ؛ فقال : ـ