بضمها ، بقصد إفادة المغالبة (١) ؛ نحو : كرمت الفارس أكرمه ؛ بمعنى : غلبته فى الكرم ـ شرفت النبيل أشرفه ؛ بمعنى : غلبته فى الشرف.
٧ ـ التضمين ـ (وهو أن يؤدّى فعل ـ أو ما فى معناه ـ مؤدّى فعل آخر أو ما فى معناه ؛ فيعطى حكمه فى التعدية واللزوم) (٢). ومن أمثلته فى التعدية : لا تعزموا السفر ؛ فقد عدّى الفعل. «تعزم» إلى المفعول به مباشرة ؛ مع أن هذا الفعل لازم لا يتعدى إلا بحرف الجر ؛ فيقال : أنت تعزم على السفر. وإنما وقعت التعدية بسبب تضمين الفعل اللازم : «تعزم» معنى الفعل المتعدى : تنوى ، فنصب المفعول بنفسه مثله ؛ فمعنى : «لا تعزموا السفر» لا تنووا السفر ... ومثل : رحبتكم الدار ـ وهو مسموع ـ فإن الفعل : «رحب» لازم ؛ لا يتعدى بنفسه إلى مفعول به. ولكنه تضمن معنى : «وسع» فنصب المفعول به «الكاف» مثله ؛ إذ يقال وسعتكم الدار ؛ بمعنى : اتسعت لكم. ومثل : طلع القمر اليمن ، ـ وهو من الأمثلة المسموعة أيضا ـ والفعل : «طلع»
__________________
(١) تسابق اثنين أو أكثر ـ إلى أمر ؛ وتزاحمهما عليه ، رغبة فى انتصار كل فريق على الآخر ، وتغلّبه فى ذلك الأمر. ولأهمية المغالبة سنعود للكلام عليها فى الزيادة والتفصيل ، ص ١٦٢.
(٢) عرفه كثير من النحاة بأنه : «إشراب اللفظ معنى آخر ، وإعطاؤه حكمه ؛ لتؤدى الكلمة معنى كلمتين». لكن التعريف الذى ذكرناه هو الذى ارتضاه المجمع اللغوى القاهرى من بين تعريفات كثيرة ؛ كما ورد فى الجزء الأول من مجلته ص ١٨٠ وما حولها. وكما فى ص ٢٠٢ من محاضر جلساته فى دور الانعقاد الأول. وفى المرجعين السالفين بحوث لطيفة وافية فى أمر التضمين من نواحيه المختلفة. وقرار المجمع فى ص ١٨٠ المشار إليها صريح فى أن التضمين قياسى بشروط ثلاثة ؛ أولها : تحقق المناسبة بين الفعلين. ثانيها : وجود قرينة تدل على ملاحظة الفعل الآخر ، ويؤمن معها اللبس. ثالثا : ملاءمة التضمين للذوق العربى. ويوصى المجمع بعدم الالتجاء إلى التضمين إلا لغرض بلاغى.
لكن أيكون التضمين فى الفعل وما شابههه ـ نوعا من المجاز ، أم من الحقيقة ، أم مركبا منها؟ وهل يختلف التضمين بمعناه السالف النحوى عن التضمين البيانى وهو الذى يقضى بتقدير حال محذوفة موضعها قبل الجار والمجرور ، مناسبة فى معناها لهما ، ويتعلق بها الجار والمجرور من غير حاجة إلى إعطاء كلمة معنى كلمة أخرى لتؤدى المعنيين كما يقول النحاة؟ وهل يمكن وجود التضمين السماعى؟ كل هذا وأكثر منه وأوفى وأوضح ، مدون فى المرجعين السالفين وقليل منه مدون فى حاشية الصبان قبيل آخر الباب. وكذلك عرض له «ياسين» فى حاشيته على «التصريح» ـ أول الجزء الثانى ، باب «حروف الجز» ـ عرضا محمود الإسهاب ، فى نحو أربع صفحات كبيرة. وقد سجلنا فى آخر هذا الجزء ـ ص ٥٢٢ ـ بحثا نفيسا خاصا به ؛ لا يستغنى عنه المتخصصون. ثم أبدينا فيه رأينا بايجاز. وهو بحث لأحد أعضاء المجمع اللغوى القاهرى ألقاه صاحبه على زملائه ، ثم سجلته ـ مع المناقشات التى دارت حوله ـ مجلة المجمع.