١ ـ إدخال حرف الجر الأصلى المناسب للمعنى ، على الاسم الذى يعتبر فى الحكم ـ كما شرحنا أول هذا الباب ـ مفعولا به معنويّا للفعل اللازم (١) ، ليكون حرف الجر الأصلى مساعدا على توصيل أثر الفعل إلى مفعوله المعنوى ؛ فمثل : قعد ـ صاح ـ خرج ـ. يقال فى تعديته بحرف الجر : قعد المريض على السرير ـ صاح الجندى بالبوق ـ خرجت من القرية. فكلمة : السرير ـ البوق ـ القرية ـ ... هى من الناحية المعنوية فى حكم المفعول به ؛ لوقوع أثر الفعل عليها ، وإن كانت لا تسمى فى اصطلاح النحاة مفعولا به حقيقيّا (٢) ، ولا يجوز ـ فى الرأى الأنسب ـ نصب شىء من توابعها ما دام حرف الجر الأصلى مذكورا قبلها فى الكلام (كما سبق وكما سيجىء) (٣).
وقد وردت أمثلة قليلة مسموعة عن العرب. حذف فيها حرف الجر ، ونصب مجروره بعد حذفه ؛ منها : «تمرون الديار» ، بدلا من : تمرون بالديار ، ومنها : «توجهت مكة ، وذهبت الشام» ، بدلا من : توجهت إلى مكة ، وذهبت إلى الشام .... فهذه كلمات منصوبة على نزع الخافض (٤) ـ كما يقول النحويون ـ والنصب به سماعىّ (٥) ؛ مقصور على ما ورد منها منصوبا مع فعله الوارد نفسه ؛ فلا يجوز ـ فى الرأى الصائب ـ أن ينصب فعل من تلك الأفعال المحددة المعينة كلمة على نزع الخافض إلا الكلمة التى وردت معه مسموعة عن العرب ، كما لا يجوز فى كلمة من تلك الكلمات المعدودة المحدودة أن تكون منصوبة
__________________
(١) التعدية بحرف الجر ليست مقصورة على الثلاثى اللازم ؛ وإنما تشمله وتشمل المتعدى لواحد أو أكثر ؛ فإنه يتعدى لغيره بالجار أيضا ـ كما أشار إليه «الصبان» ، ونص عليه «الخضرى» صراحة فى أول هذا الباب ـ.
(٢) لأن المفعول به الحقيقى عندهم ؛ هو الذى يقع عليه الأثر مباشرة بدون مساعدة. ولهذا يسمون التعدية بحرف الجر : «تعدية غير مباشرة» ؛ لأنها جاءت نتيجة معاونة قدمت للفعل اللازم ، ولم يستطع التعدية إلا بهذه المعاونة.
(٣) راجع رقم ٢ من هامش ص ١١٥ ؛ ثم «ب» ص ١٢٢ م ٦٩ ثم ٣ من هامش ص ١٤٥ ثم رقم ١ من هامش ٤٠٨ م ٨٩.
(٤) أى : عند نزعه من مكانه ، والمراد : عند حذفه. وفى هذه الحالة تسمى أفعالها : متعدية. بنزع الخافض ، أما مع وجود حرف الجر فتسمى : متعدية بالحرف ؛ كما سبق. ـ ولنزع الخافض إشارة فى رقم ٣ من هامش ص ٢٩١ ، عند الكلام على حذف حرف الجر. ـ
(٥) راجع حاشية الأمير على المغنى ج ١ عند الكلام على : «لكن» مشددة النون.