المسألة ٧١ :
طريقة تعدية الفعل اللازم الثلاثى
من الممكن جعل الفعل الثلاثى اللازم متعديا إلى مفعول به واحد ، أو فى حكم المتعدى إليه (١) ؛ وذلك بإحدى الوسائل التى سنذكرها ، وكلها قياسىّ ، إلا الأخيرة (٢) ...
وقبل أن نسردها نشير إلى أمر هامّ ، هو أنّ هذه الوسائل كلها تتشابه فى أمر واحد ، يتركز فى صلاحية كل منها لتعدية الفعل اللازم. وتختلف بعد ذلك بينها اختلافا واضحا. وناحية الخلاف تتركز أيضا فى أن كل وسيلة منها تؤدى مع التعدية معنى خاصّا لا تكاد تؤديه وسيلة أخرى ؛ فواحدة تفيد ـ مثلا ـ مع التعدية جعل الفاعل مفعولا به ؛ كهمزة النقل (٣). ولهذا أثره فى تغيير المعنى الأول (٤) ، وواحدة تفيد التكرار والتمهل ؛ كالتضعيف ، وهذا تغيير طارئ على المعنى السابق ، وثالثة قد تفيد المشاركة ، ولم تكن موجودة ؛ كتحويل الفعل اللازم إلى صيغة فاعل ... وهكذا ، مما سيتضح عند الكلام على كل واحدة ، وما تجلبه من المعنى مع التعدية. فإن كان أثر الوسائل من ناحية التعدية واحدا فإن أثرها مختلف من ناحية المعنى. لهذا لا تختار وسيلة منها إلا على أساس أنها ـ مع تعديتها الفعل ـ تؤدى معنى جديدا يساير الجملة ، ويناسب الغرض. وعلى هذا الأساس وحده يقع الاختيار على وسيلة دون أختها ؛ فالتى تصلح لمعنى لا تصلح لغيره فى الغالب ... إلا إذا عرف عنها أنها قد تشابه غيرها فى تأدية معناه ، كحرف الجر الأصلىّ فإنه يؤدى ما تؤديه همزة النقل أحيانا ؛ نحو : أذهبت العصفور ، وذهبت به ... وإليك الوسائل :
__________________
(١) الذى فى حكم المتعدى هو ما يبدو متعديا بحسب المظهر الشكلى اللفظى دون الواقع الحقيقى المعنوى ، ويتضح هذا جليا فى الوسيلتين الأخيرتين (٧ ، ٨) كما سيجىء عند الكلام عليهما. فى ص ١٥٩ و ١٦٠.
(٢) الأخيرة المقصورة على السماع هى : إسقاط حرف الجر ـ كما سيجىء فى هامش ص ١٦٠ ـ وتلك الوسائل القياسية مستنبطة من الكلام العربى الأصيل الشائع لاستخدامها كسائر القواعد العامة المستنبطة منه ولا يلتفت إلى الرأى القائل إن استخدامها أو بعضها مقصور على السماع ؛ إذ لو كان كذلك ما كان هناك داع لتدوين هذه الوسائل ، ولوجب الاقتصار على المسموع. وهذا غير مقبول إلا فى الحالة الأخيرة ، حالة إسقاط حرف الجر ـ كما سيأتى. أما جعل المتعدى لازما أو فى حكمه ، فيجىء الكلام عليه فى ص ١٧١.
(٣) إيضاحها فى ص ١٥٧ ولها إشارة فى ص ١٦٧.
(٤) كما سيجىء فى ص ١٥٧.