(ب) نوع يسمى «اللازم» (١) أو : «القاصر» ، وهو الذى لا ينصب بنفسه مفعولا به أو أكثر ؛ وإنما ينصبه بمعونة حرف جر ، أو غيره مما يؤدى إلى التعدية. مثل : أسرف ـ انتهى ـ قعد ـ فى نحو : إذا أسرف الأحمق فى ماله انتهى أمره إلى الفقر ، وقعد فى بيته ملوما محسورا (٢). فكل كلمة من : مال ، فقر ، بيت ... هى فى المعنى ـ لا فى الاصطلاح ـ مفعول به للفعل قبلها. ولكن الفعل لم يوقع معناه وأثره عليها مباشرة ، وإنما أوصله بمساعدة حرف جر ؛ فهى فى الظاهر مجرورة به ، وهى فى المعنى فى حكم المفعول به لذلك الفعل (٣).
(ح) نوع مسموع ، يستعمل متعديا ولازما ؛ مثل : شكر ونصح (٤).
وقد أراد النحاة تيسير التمييز بين الفعل المتعدى بنفسه والفعل اللازم ، وسهولة
__________________
(١) وقد يسمى : غير المتعدى ، أو المتعدى بحرف الجر.
(٢) منقطعا عن أسباب الخير ، ووسائل القوة.
(٣) وإذا كانت فى حكم المفعول به معنى فهل يجوز فى توابع هذا المفعول الحكمى (أى : المعنوى) النصب مراعاة له كما يجوز الجر مراعاة للفظ؟ تؤخذ الإجابة من شرح كتاب : «المفصل» ـ فى ج ٧ ص ٦٥ ـ ونصها : (لفظه مجرور وموضعه نصب ؛ لأنه مفعول ؛ ولذلك يجوز فيما عطف عليه وجهان ، الجر والنصب ؛ نحو قولك : مررت بزيد وعمرو ـ وعمرا ؛ فالجر على اللفظ ، والنصب على الموضع ؛ وذلك من قبل أن الحرف يتنزل منزلة الجزء من الفعل ؛ من جهة أنه به وصل إلى الاسم ؛ فكأنه كالهمزة فى : أذهبته ، والتضعيف فى : فرحته ، وتارة يتنزل منزلة الجزء من الاسم المجرور به ؛ ولذلك جاز أن يعطف عليهما بالنصب ؛ فالجر على الاسم وحده. والنصب على موضع الحرف والاسم معا) ا. ه والرأى صريح فى جواز الأمرين ، ولا شك أن ما يجرى فى العطف يجرى فى غيره من باقى التوابع. ثم عاد فردد هذا ـ فى ج ٨ ص ١٠ ـ من غير أن يقتصر فى التوابع على العطف. بل نص على الصفة أيضا. ولا ريب أن بقية التوابع يجرى عليها ما يجرى على العطف والنعت.
ولعل الخير اليوم فى إهمال هذا الرأى ، والاقتصار على الرأى الآخر السديد الذى يوجب الجر وحده فى التوابع ، وترك النصب لما قد يكون مسموعا من الكلام القديم دون محاكاته ؛ حرصا على الضبط فى أداء المعانى بدقة وإحكام ، ومنعا للخلط الذى يؤدى إليه إباحة النصب ، إذ يترتب على جواز النصب أن يكون لكل اسم مجرور بحرف جر أصلى إعراب محلى غير إعرابه اللفظى ، وهذا الحكم العام الشامل ـ الذى يقضى بإعراب جميع الأسماء المجرورة بحرف جر أصلى إعرابا محليا بعد إعرابها اللفظى ، وبإدخالها فى أنواع الألفاظ التى لها إعراب محلى ـ غير معروف فى المعربات المحلية ، ولم يذكره أحد بين أنواعها المعروضة فى المراجع المتداولة ـ فيما نعرف ـ اللهم إلا المنادى المستغاث المجرور باللام ، بالتفصيل الخاص به فى باب الاستغاثة (ج ٤ م ١٣٣ ص ٦١) ـ (راجع ما سبق فى رقم ٢ من هامش ص ١١٥ و: «ب» ص ١٢٢ وما يتبعها فى رقم : ١ من هامش ص ١٢٤ وص ١٥٣ ثم ص ٤٠٧).
(٤) انظر «ب» من هامش ص ١٥٥.