(ب) ولو أعربنا الاسم السابق وهو : «عاقل» وأشباهه ، فاعلا ـ أو شيئا آخر مرفوعا بالعامل الذى بعده ـ كما يرى فريق من الكوفيين لكان هذا أخذا برأى ضعيف أيضا ، فوق ما فيه من الفصل الممنوع عند أكثر النحاة ، ومن اختلاط الأمر فى كثير من الأساليب بين المبتدأ والفاعل المتقدم كما فى المثال المعروض ونظائره ـ وما أكثرها ـ فيوجد من يعرب كلمة ؛ «عاقل» مبتدأ ، والجملة الفعلية بعده خبره ، ومن يعربها فاعلا مقدّما للفعل بعده. وعلى الإعراب الأول تكون الجملة اسمية ، وقد سبق ما فيها من عيب. أما على الإعراب الثانى فالجملة فعلية ؛ ودلالتها مختلفة عن سابقتها ، فشتان بين مدلولى الجملتين فى لغتنا ، هذا إلى مشكلات أخرى تتعلق بوجود فاعل مذكور ـ أحيانا ـ بعد الفعل المتأخر ، وبالضمائر المتصلة بالفعل المتأخر ، وعودتها ، ومطابقتها للفاعل المتقدم أو عدم مطابقتها ، واعتبارها حروفا أو أسماء ...
(ح) فلم يبق إلا اختيار الإعراب الثالث القائم على تقدير فعل محذوف ، (تحقيقا لما اشترطه جمهور النحاة من دخول أداة الشرط على فعل ظاهر أو مقدر ومنع دخولها على الاسم) واعتباره أفضلها ، وأن العيب فيه أخف وأيسر ، كما قلنا. ولن يترتب على هذا «التقدير» خلط بين المعانى والمدلولات اللغوية ، ولا تداخل بين القواعد النحوية. على أن «التقدير» باب واسع وأصيل فى لغتنا ، ولكنه محكم ، وسائغ ممن يحسن استخدامه ـ عند مسيس الحاجة الشديدة ـ على النمط الوارد الفصيح الذى يحتج به ، والذى لا يؤدى إلى خلط أو اضطراب.
٤ ـ أجرى بعض النحاة الذين لا يقصرون الاشتغال على النصب ـ أحكاما أربعة على الاسم السابق إذا كان مرفوعا وبعده فعل قد عمل الرفع فى ضميره أو فى ملابسه : فيجب رفع هذا الاسم السابق إما بالابتداء إذا وقع بعد أداة لا يليها فعل ؛ كإذا الفجائية ، وليتما (المختومة «بما» الزائدة) ؛ نحو : خرجت فإذا النسيم
__________________
ـ لو الفلك الدوار أبغضت سعيه |
|
لعوّقه شىء عن الدوران |
من القصيدة التى مطلعها :
عدوّك مذموم بكل لسان |
|
ولو كان من أعدائك القمران ....) |