ـ فى الرأى الشائع ـ فاعلا ؛ وإنما يعرب تركيدا لفظيّا للضمير المستتر المماثل له. وينطبق هذا الكلام على البيت التالى :
فإن أنت لم ينفعك علمك (١) فانتسب |
|
لعلك تهديك القرون الأوائل |
التقدير : فإن لم تنتفع لم ينفعك علمك ... وأشباه هذا. فالفعل «ينفع» هو وحده المفسّر للفعل المحذوف ، وهو مساير لذلك المحذوف فى الجزم والنفى معا. والضمير البارز «أنت» فاعل الفعل المحذوف ، وكان مستترا وجوبا فيه ، فلما حذف الفعل برز فى الكلام فاعله المستتر ، ولما رجع الفعل إلى الظهور فى الجملة الأخيرة عاد فاعله الضمير إلى الاستتار. كما كان أولا. ومثله قول الشاعر :
إذا أنت (٢) فضّلت امرأ ذا براعة |
|
على ناقص كان المديح من النقص |
وقول الآخر :
بليغ إذا يشكو إلى غيرها الهوى |
|
وإن هو لاقاها فغير بليغ |
وفى مثل :
لا تجزعى إن منفس أهلكته |
|
فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى |
يكون التقدير : لا تجزعى إن هلك منفس أهلكته ... والمحذوف هنا مطاوع للمذكور ، فهو من مادته اللفظية ومن معناه ، وإن كانت المشاركة اللفظية ليست كاملة.
أما تفضيل الرأى القائل بمسايرة الجملة المفسّرة للجملة المفسّرة فى حكمها ، ومحلها الإعرابى فراجع إلى أمرين :
أولهما : أن الجملة المفسّرة قد يكون لها محل من الإعراب ـ بالاتفاق ـ فى بعض مواضع ، كالجملة المفسّرة لضمير الشأن (٣) فى نحو : (قُلْ : هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، فإن جملة (اللهُ أَحَدٌ) مبتدأ وخبر فى محل رفع ، لأنها خبر لضمير
__________________
(١) يريد : إن لم يكن لك علم بحوادث الموت المحيطة بك بحيث يعظك فارجع إلى أصولك الأوائل الذاهبين ، لعل لك عظة فى موتهم.
(٢) فالأصل : إذا فضلت ... فلما حذف الفعل بقيت التاء ، وهى ضمير متصل لا يستقل بنفسه فأتينا مكانها بضمير مرفوع منفصل بمعناها ؛ هو الضمير : «أنت» ـ كما سبق مثل هذا فى رقم ٤ من هامش ص ١٢٨ ـ فإذا رجع الفعل المحذوف رجع فاعله السابق ، وهو «التاء» واتصل به.
(٣) راجع ضمير الشأن ج ١ ص ٢٢٦ م ١٩ ـ باب الضمير.