منصوبا كالأمثلة السالفة ؛ فإن كان مرفوعا للمحذوف فالمحذوف هو فعله وحده (١) ويتعين أن يكون مفسّره هو الفعل المذكور وليس الجملة ، ولا بد ـ عند المحققين أن يكون هذا الفعل المذكور (المفسّر) مسايرا للمحذوف (المفسّر) فى حكمه وإعرابه اللفظى ، والتقديرى ، والمحلى ... مثل إن العتاب يكثر يؤد إلى القطيعة ، التقدير : إن يكثر العتاب ـ يكثر ـ يؤد إلى القطيعة. فالمفسّر هو الفعل : «يكثر» الثانى ، وهو مضارع مجزوم كالأول المحذوف (٢). ومثل : إذا العناية تلاحظك عيونها فلا تخف شيئا. التقدير : إذا تلاحظك العناية تلاحظك عيونها ، فالمفسّر فى المثال هو الفعل : «تلاحظ» وحده ، وهو كالأول فى حكمه الإعرابى. ومثل :
إذا الملك الجبّار صعّر خدّه (٣) |
|
مشينا إليه بالسيوف نعاتبه |
أى : صعّر الملك خدّه ، صعره ، فالمفسّر هو الفعل الماضى وحده (صعّر). ومثل
فمن نحن نؤمنه (٤) يبت وهو آمن |
|
ومن لا نجره يمس منا مفزّعا |
التقدير : فمن نؤمنه يبت وهو آمن ... فالمفسّر هو الفعل «نؤمن» وحده ، وهو مجزوم كالفعل المفسّر المحذوف. وكلمة : «نحن» فى البيت ضمير فاعل للفعل المحذوف. وقد برز هذا الضمير ـ بعد استتاره الواجب ـ بسبب حذف فعله وحده ؛ إذ لا يبقى الفاعل مستترا بعد حذف عامله. فإذا رجع العامل وظهر ، عاد الضمير الفاعل إلى الاستتار كما كان. فإن ظهر مع ظهور عامله لم يعرب
__________________
(١) كما أشرنا فى رقم ٤ من هامش ص ١٢٧ وفى ص ١٣٦. سواء أكان الفعل مبنيا للمعلوم أى للمجهول تاما أم ناقصا مثل : كان. كل هذا على حسب السياق ، وعلى مقتضاه يعرب الاسم المرفوع فاعلا ، أو نائب فاعل ، اسما لكان ... مثل : إن برد اشتد فاحترس ـ إن عمل أتقنته فلازمه ـ المرء مجزى بعمله إن خير فخير. التقدير : (إن اشتد برد ـ اشتد ـ فاحترس) ـ (إن أتعقن عمل ـ أتقنه ـ فلازمه) ـ (المرء مجزى بعمله إن كان فى عمله خير فجزاؤه خير ...).
(٢) ما سبب الجزم؟ خلاف فيه وجاء فى الصبان ما نصه : (قال أبو على : الفعل المذكور والفعل المحذوف فى نحو قوله : «لا تجزعى إن منفسا أهلكته». مجزومان محلا ؛ وجزم الثانى ليس على البدلية ؛ إذ لم يثبت حذف المبدل منه. بل على تكرير «إن» أى : إن أهلكت منفسا إن أهلكته. وساغ إضمار «إن» أى : وإن لم يسغ إضمار لام الأمر إلا فى ضرورة لاتّساعهم فيها ، ولقوة الدلالة عليها بتقديم مثلها. واستغنى بجواب «إن الأولى» عن جواب الثانية) اه.
(٣) صعر خده : حوله إلى جهة لا يرى فيها الناس ؛ تكبرا منه وترفعا.
(٤) بمعنى : نؤمنه ، ونمنحه الأمان.