يفسّر كل منهما بفعل أو بما يشبهه ، تفسيرا لفظيّا ومعنويّا معا ، أو معنويّا فقط والأفضل التماثل عند عدم المانع بأن يفسّر الفعل نظيره الفعل ، ويفسّر الوصف نظيره الوصف ، نحو : إن أحد دعاك الخير فاستجب ـ ما الصلح أنت كارهه. التقدير : إن دعاك أحد ، دعاك الخير فاستجب ـ ما أنت كاره الصلح ـ أنت كارهه.
ويدور بين النحاة جدل طويل فى موضع الجملة المفسّرة ؛ أيكون لها محل من الإعراب ، أم ليس لها محل؟ وقد يكون الأنسب الأخذ بالرأى القائل إنها تساير الجملة المحذوفة «المفسّرة» وتماثلها فى محلها الإعرابى وعدمه ، كما تماثلها فى لفظها ومعناها على الوجه السالف. وعلى هذا إن كانت الجملة المحذوفة (المفسّرة) لا محل لها من الأعراب فالمفسّرة كذلك لا محل لها من الإعراب ؛ نحو : البحر أحببته ، أى : أحببت البحر أحببته ؛ فالجملة التفسيرية لا محل لها من الإعراب ؛ لأن الأصلية المحذوفة كذلك. وإن كانت الجملة المحذوفة (المفسّرة) لها محل من الإعراب فالتى تفسرها تسايرها وتماثلها فيه ؛ نحو قوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ،) أى : إنا خلقنا كلّ شىء خلقناه بقدر ؛ فالجملة المحذوفة (المفسّرة) فى محل رفع خبر «إنّ» ؛ فالتى تفسرها كذلك فى محل رفع خبر. ونحو : العقلاء الواجب يؤدونه ؛ أى : العقلاء يؤدون الواجب يؤدونه ، فالجملة المحذوفة (المفسّرة) فى محل رفع خبر المبتدأ ، والمفسّرة فى محل رفع خبر المبتدأ كذلك. وفى قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) ... تقع الجملة الاسمية (المفسّرة) مفعولا فى محل نصب ؛ لأن المحذوف المفسّر مفعول به منصوب ؛ إذ التقدير : الجزاء ، أو الجنة وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، لهم مغفرة ؛ فجملة : «لهم مغفرة» هى المفسرة للمفعول به المحذوف (١).
ولا تكون الجملة هى المفسّرة فى باب الاشتغال إلا حين يكون الاسم السابق
__________________
(١) ولا يصح أن تكون هى المفعول الثانى للفعل : «وعد» لأنه من باب «كسا» ، أى : من الأفعال التى لا يقع فيها المفعول الثانى جملة.