ويستثنى من أدوات الشرط ثلاثة أشياء ؛ يقع بعدها الاشتغال نثرا ونظما ، أولها : أدوات الشرط التى لا تجزم ؛ ومنها : إذا ـ ولو ـ مثل : (إذا السماء انشقت ...) إلخ ، ومثل : لو الحرب امتنعت لطابت الحياة.
وثانيها : «إن» ، بشرط أن يكون الفعل فى التفسير ماضيا لفظا ، نحو : إن علما تعلمته فاعمل به ، أو ماضيا معنى (١) فقط ، نحو : إن علما لم تتعلمه فاتتك فائدته. فإن كان فعل التفسير مضارعا مجزوما (٢) لم يقع الاشتغال بعدها إلا فى الشعر ، دون النثر.
وثالثها : «أمّا» الشرطية. ولكن لا يجب نصب الاسم بعدها ؛ لأن الاسم يليها حتما (٣) ، ولو كان الفعل مذكورا بعده ؛ نحو : قوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ ...) فقد قرئ «ثمود» بالرفع على الابتداء ، وبالنصب على الاشتغال. وفى حالة النصب يجب تقدير العامل بعد الاسم المنصوب ، وبعد الفاء معا ؛ لأن «أمّا» لا يليها إلا الاسم (٤) ولا يفصل بينها وبين الفاء إلا اسم واحد ، والتقدير ـ كما يقولون ـ وأما ثمود فهديناهم هديناهم. وللبحث تحقيق.
٤ ـ من الأصول النحوية أن المحذوف قد يحتاج ـ أحيانا ـ إلى شىء مذكور يفسره ، ويدل عليه. وقد يكون التفسير واجبا ، كما فى باب : «الاشتغال». وفى هذا الباب إن كان المحذوف جملة فعلية فتفسيره لا يكون إلا بجملة مذكورة فى الكلام ، مشاركة للمحذوفة فى لفظها ومعناها معا ، أو فى المعنى فقط ؛ نحو : العظيم نافسته ـ المصنع وقفت فيه. التقدير : نافست العظيم نافسته ـ لابست المصنع وقفت فيه. أو نحو ذلك مما يؤدى إلى الغرض فى الحدود المرسومة. ولا يصح هنا تفسير الجملة بغير جملة مثلها على الوجه السابق.
وإن كان المحذوف فعلا فقط أو وصفا عاملا يشبهه ، ويحل محله ، جاز أن
__________________
(١) كالمضارع الداخلة عليه «لم» فإنها ـ فى الأغلب ـ تقلب زمنه للمضى.
(٢) انظر سبب الجزم فى رقم ٢ من هامش ص ١٣٧
(٣) كما تقدم هنا ، وفى رقم ٣ ص ٨٧.
(٤) وقد عرفنا أن شرط وجوب النصب وحده أن تكون الأداة الشرطية مختصة بالدخول على الأفعال دون الأسماء. وليست «أما» كذلك. لأنها لا تدخل إلا على الاسم
لهذا كان الاقتصار على نصب الاسم السابق غير واجب ، بل يجوز فيه الأمران.