زيادة وتفصيل :
١ ـ زاد فريق من النحاة شروطا أخرى للاشتغال رفضها سراه ؛ بحجة أنها لا تثبت على التمحيص. وهذا رأى سديد حملنا على إهمالها ؛ ادخارا للجهد ، وإبعادا لنوع من الجدل لا خير فيه للنحو.
٢ ـ أشرنا قريبا (١) إلى صحة أن يكون الاسم السابق المنصوب مفعولا به لفعل محذوف ، يخالف الفعل المذكور بعده فى جملته ، ولا يكون له صلة بلفظه ولا بمعناه ؛ وذلك حين تقوم قرينة تدل على هذه المخالفة ؛ كأن يقال : ماذا اشتريت؟ فتجيب : كتابا أقرؤه. «فكتابا» مفعول به لفعل محذوف تقديره : اشتريت كتابا أقرؤه ؛ فالفعل المحذوف مخالف للمذكور فى لفظه ومعناه ؛ فلا تكون المسألة من باب «الاشتغال» ، ولا يكون العامل الثانى صالحا للعمل فى المفعول به السابق ، ولا مفسرا لعامله المحذوف. وفى هذه الحالة التى يختلف فيها الفعلان : المحذوف والمذكور ، لا يكون الحذف واجبا ، وإنما يكون جائزا (٢) ، فيصح فى الفعل المحذوف أن يذكر. أما الحذف الواجب ففى : «الاشتغال» ؛ فلا يصح الجمع بينهما ؛ لأن الثانى بمنزلة العوض عن الأول ؛ ولا يجمع بين العوض والمعوّض عنه (٣).
٣ ـ إنما يقع «الاشتغال» بمعناه العام الذى يشمل الاسم السابق المرفوع بعد أدوات الشرط ، والتحضيض والاستفهام ، غير الهمزة ، كما سبق ـ فى الشعر ؛ فقط ؛ للضرورة. وأما فى النثر فلا يحسن بعد تلك الأدوات إلا صريح الفعل (٤)
__________________
(١) فى رقم ١ من هامش ص ١٢٦.
(٢) ما لم يوجد سبب آخر غير الاشتغال يوجبه.
(٣) لا يصح الجمع بين العوض والمعوض عنه. وهذا أسلم من قولهم : لا يصح الجمع بين التفسير والمفسّر ، «أى : المفسّر والمفسّر» لأنه يصح أحيانا الجمع بين هذين كما فى التفسير بما بعد الحرف : «أى» وكالتفسير بعطف البيان ، وبواو العطف التى تفيد التفسير ... ـ كما سيجىء فى ص ١٣٩ ـ ومن هنا كان التعبير بعدم جواز الجمع بين العوض والمعوض عنه هو الأسلم والأدق.
(٤) يقول النحاة : إن وقوعه فى النثر مستقبح ، ولو وقع فيه لجاز مع القبح.