وهذا مغروس في طبائعهم ، ومستقر في نفوسهم ، وكل منهم يحب أن يعرف موقعه بالنسبة لطريقي الهدى والضلال .. ولا سيما إذا جاء هذا من قبل نبي يبلغهم عن الله ، ومتصل بالغيب ، ومطّلع عليه.
وقد أظهرت بداية كلامه «صلىاللهعليهوآله» أنه يريد أن يبين لهم أمرا يرتبط بهذا الأمر بالذات ، الذي يعني كل شخص مباشرة ، ولا يستطيع أن يتجاهله ، ويمضي عنه.
يوشك أن أدعى فأجيب :
ثم ساق «صلىاللهعليهوآله» الكلام في اتجاه مثير لمشاعر الخوف من المجهول ، والرهبة من فقدان ما يرون فيه الضمان ، ويشعرون معه بالسكينة والأمان ، حين قال : يوشك أن أدعى فأجيب ، موضحا لهم : أن هذا الأمر الذي يريد بيانه ، يفيد في هدايتهم وحفظهم في خصوص تلك المرحلة المخيفة ، وهي مرحلة ما بعد موته «صلىاللهعليهوآله».
إني مسؤول ، وأنتم مسؤولون :
ثم قد أكد «صلىاللهعليهوآله» حساسية هذا الأمر الذي يريد أن يثيره أمامهم حين قال لهم : إني مسؤول ، وأنتم مسؤولون .. فما أنتم قائلون؟!
مما يعني : أن تملصهم من المسؤولية في الدنيا لا يجديهم ، لأن الحساب سيكون أمامهم في الآخرة ، فلا منجا ولا مهرب منه ، ولا مفر ولا محيص عنه.
بل قرر أنه هو «صلىاللهعليهوآله» أيضا مسؤول ومحاسب. وسيرى الخلائق في الآخرة كما هو الحال في الدنيا أنه قد أبلغهم ما أمره الله بإبلاغه إياهم على أتم وجه.