بأصحاب الأهواء ، وطلاب اللبانات ، وذوي الطموحات ، ممن لم يسلموا ، ولكنهم غلبوا على أمرهم ، فاستسلموا ، وأصبح كثير منهم يتظاهر بالورع ، والدين والتقوى ، والطاعة والتسليم لله ، ولرسوله ، متخذا ذلك ذريعة للوصول إلى مآربه ، وتحقيق أهدافه.
أما هؤلاء ، الذين كانوا يظهرون خلاف ما يبطنون ، ويسرون غير ما يعلنون ، فقد كان لا بد من كشف زيفهم وإظهار خداعهم بصورة أو بأخرى.
وقد رأينا : كيف أن هؤلاء الذين كانوا يتبركون بفضل وضوء رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وحتى ببصاقه ، ونخامته ، ويدّعون الحرص على امتثال أوامر الله سبحانه بتوقيره ، وبعدم رفع أصواتهم فوق صوته (١) ،
__________________
(١) راجع الآيتان ١ و ٢ من سورة الحجرات.
وقد ورد أنّ هذه الأيات نزلت حينما حصل اختلاف فيما بين أبي بكر وبين عمر حول تأمير بعض الأشخاص من قبل النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فأصر أحدهما على شخص وأصر الآخر على آخر ، حتى ارتفعت أصواتهما. فقد روي أن عبد الله بن الزبير أخبرهم : أنه قدم ركب من بني تميم على النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فقال أبو بكر : أمر القعقاع معبد بن زرارة.
وقال عمر : بل أمر الأقرع بن حابس.
قال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي.
قال عمر : ما أردت خلافك.
فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما ، فنزلت في ذلك : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) إلى قوله تعالى : (.. أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) [الآيتان ١ و ٢ من سورة الحجرات].
ويلاحظ : أن المراد من الإيمان قوله تعالى في الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) هو الإيمان