الذي يستلزم اللذة ، جاء في كلمة له في النمط التاسع الإشارات (ثم ـ العارف ـ ليغيب عن نفسه فيلحظ جناب القدس فقط ، وإن لحظ نفسه فمن حيث هي لاحظة لا من حيث هي بزينتها) (١٢) وبدون شك أن شخصا عندما يتقرب إلى الله يتفوق على شهود الزخرف ، وعلى جلال وجمال الشخص ، فهو ينكر أي ابتهاج وهناءة بمعانيها المعلولة في تفكيرنا.
إن أقوى الحجج على عارف متمكن من الصعود إلى أعلى مراتب الابتهاج والهناءة ، ما جاء في كلمته في النمط نفسه : (الالتفات إلى ما تنزه عنه شغل ، والاعتداد بما هو طوع من النفس عجز ، والتبجح بزينة اللذات من حيث هي لذات وإن كان بالحق تيه ، والاقبال بالكلية على الحق خلاص) (١٣).
إننا نفهم من هذه العبارة إن كمال الإنسان وانبثاقه في طريق الحق يفوق أي سنخ من اللذة ، سواء كانت جسمية أو عقلية أو روحانية بحتة.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يؤيدنا ويعيننا ويجعلنا ناجين عن اتباع اللذات ، حتى لا نجعلها أعلى المقاصد وأسمى الأغراض لحياتنا التي يمكن أن نجعلها جديدة بلقاء الله ولذته.
وإن لباب المناقشة حول اللذة والألم في فلسفة ابن سينا ما يلي :
١ ـ هو يعتقد بأهمية اللذة في كينونة الإنسان وصلاتها بحياته الجسمية والروحانية.
٢ ـ هو يعمم مفهوم اللذة ، ولا يقصرها على اللذة المادية للحياة ، بل هو يراها إدراكا للذات العقلية والروحانية.
٣ ـ يبرهن بفلسفة ابن سينا على أنه كيف يجعل اللذة أعلى المقاصد وأسمى الأغراض لحياة الإنسان في العالم.
٤ ـ هو يفحص عن الابتهاج ويراه فوق اللذة ويعزوه إلى الله تعالى.
٥ ـ ونظرتنا حول المسألة الرابعة هي هل يمكن عزو الابتهاج إلى الله تعالى أم لا؟
__________________
(١٢) الإشارات ، ج ٢ ، ص ١١٩.
(١٣) الإشارات ، ج ٢ ، ص ١١٩.