فحدثني أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد الآوي ـ ضاعف الله سعادته ـ أنه رأى في تلك الليلة في منامه ، كأن في يدي لقمة ، وأنا أقول له : هذه من فم مولانا المهدي صلوات الله عليه ، وقد أعطيته بعضها.
فلما كان سحر تلك الليلة ، كنت على ما تفضل الله به من نافلة الليل ، فلما أصبحنا نهار الخميس المذكور ، دخلت الحضرة ـ حضرة مولانا علي صلوات الله وسلامه عليه ـ على عادتي ، فورد علي من فضل الله ، وإقباله ، والمكاشفة ما كدت أن أسقط إلى الأرض ، ورجفت أعضائي وأقدامي ، وارتعدت رعدة هائلة على عوائد فضله عندي ، وعنايته إلي ، وما أراني من تبره لي ، ورفدي ، وأشرفت على القناد ، مفارقة دار العناد ، والانتقال إلى دار البقاء ، حتى حضر الجمال محمد بن كتيلة ، وأنا في تلك الحال ، فسلم علي ، فعجزت عن مشاهدته ، وعن النظر إليه ، وإلى غيره ، وما تحققته بل سألت عنه بعد ذلك فعرفوني به تحقيقا ، وتجددت في تلك الزيارة مكاشفات جليلة ، وبشارات جميلة.
وحدثني أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد الآوي ـ ضاعف الله سعادته ـ بعدة بشارات رآها لي ، منها : أنه رأى كأن شخصا يقص عليه في المنام مناما ، ويقول له : قد رأيت كأن فلانا ـ عني ، وكأنني كنت حاضرا لما كان المنام يقص عليه ـ راكب فرسا ، وأنت ، يعني أخي الصالح الآوي ـ وفارسان آخران ، وقد صعدتم جميعا إلى السماء ، قال ، فقلت له : أنت تدري أحد (٣٩) الفارسين من هو؟ فقال صاحب المنام في حال النوم : لا أدري. فقلت : أنت ، يعني ذلك مولانا المهدي صلوات الله وسلامه عليه.
وتوجهنا من هناك لزيارة أول رجب بالحلة ، فوصلنا ليلة الجمعة سابع عشرين جمادى الآخرة ، بحسب الاستخارة ، فعرفني حسن بن البقلي يوم الجمعة المذكور ، أن شخصا في صلاح يقال له : عبد المحسن ، من أهل السواد ، قد حضر بالحلة ، وذكر أنه قد لقيه مولانا المهدي صلوات الله وسلامه عليه ، ظاهرا في اليقظة ، وقد أرسله إلى عندي برسالة ، فنفذت قاصدا ، هو محفوظ بن فراء فحضرا ليلة السبت ثامن عشرين جمادى
__________________
(٣٩) في الأصل : (إحدى) والصحيح ما أثبتناه.