والفرق ما بين (كلا) ، مشددة و (كلا) مخففة بين جدا (٤٠). وذلك أن قول القائل : هذا شئ كلا ، وإنما هو تشبيه الشئ ، وحقارته ، وقلته وأنه لا محصول له ب (لا) ، وذلك أن (لا) كلمة نفي. وأما (كلا) فكلمة مشددة بعيدة التشبيه بلا.
وباعتبار (٤١) ما قلناه : أنك لو حملت قوله تعالى (كلا والقمر) (٤٢) على معنى أنه : كلا ولا القمر ، لكنت عند أهل العربية كلهم مخطئا. لأن (كلا ولا) ليس بموافق لقوله : والقمر.
فإن قال قائل فما الأصل فيها؟ قلنا : أن (كلا) كلمة موضوعة للمعاني التي قد ذكرناها مبنية هذا البناء ، وهي مثل : أن ولعل وكيف ، وكل واحدة من هذه مبني بناء يدل على معنى ، فكذا (كلا) كلمة مبنية بناء يدل على المعاني التي نذكرها.
وهذا قول لا استكراه فيه.
باب
الوجه الأول من (كلا) وهو باب الرد
إعلم أنك إذا أردت رد الكلام ب (كلا) جاز لك الوقف عليها ، لأن المعنى قد تم عند الرد ، وذلك أن تقول : كلا ، لقائل : أكلت تمرا (٤٣) أي : إني لم آكله. فقولك : كلا ، مبني على خبر قد ذكره غيرك ، ونفيته أنت.
قال الله عزوجل في قصة من قال : (لأوتين مالا وولدا. أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا. كلا ...) (٤٤) أي : إنه لم يطلع الغيب ، ولم يتخذ العهد ، وأصوب ما يقال في ذلك أن (كلا) رد للمعنيين جميعا وذلك أن الكافر ادعى (٤٥)
__________________
(٤٠) المطبوع في (مقالة كلا) : والامرين وكلا مشددة ، وكلا مخففة مبين جدا ، تحريف. والصحيح ما أثبتناه.
(٤١) في المطبوع : واعتبار.
(٤٢) المدثر : ٣٥.
(٤٣) في المطبوع : أن تقول لقائل أكلت تمرا ، فتقول كلا. وهي عبارة مضطربة ، والصواب ما أثبتناه.
(٤٤) مريم : ٨٠ ـ ٨١.
(٤٥) في الطبوع : أدي. والصواب ما أثبتناه.