التام ، والصفة التامة.
وقال قوم : هي أسماء للسور ف (ألم) اسم لهذه ، و (حم) اسم لغيرها. وهذا يؤثر عن جماعة من أهل العلم. وذلك أن الأسماء وضعت للتمييز ، فكذلك هذه الحروف في أوائل السور موضوعة لتمييز تلك السور من غيرها. فإن قال قائل : فقد رأينا (ألم) افتتح بها غير سورة فأين التمييز؟ قلنا : قد يقع الوفاق بين اسمين لشخصين ، ثم يميز ما يجئ بعد ذلك من صفة ونعت ، كما يقال : زيد وزيد ، ثم يميز بأن يقال : زيد الفقيه ، وزيد العربي ، فكذلك إذا قرأ القارئ : (ألم ذلك الكتاب) (٣٤) فقد ميزها عن التي أولها : (ألم الله لا إلا إلا هو) (٣٥).
وقال آخرون : لكل كتاب سر : وسر القرآن فواتح السور ، وأظن قائل هذا أراد أن ذلك من السر الذي لا يعلمه إلا الخاص من أهل العلم والراسخون فيه.
وقال قوم : إن العرب كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فيه ، وقال بعضهم لبعض (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) (٣٦) ، فأنزل الله تبارك وتعالى هذا النظم ليتعجبوا منه ، ويكون تعجبهم منه سببا لاستماعهم ، واستماعهم له سببا لاستماع ما بعده ، فترق حينئذ القلوب ، وتلين الأفئدة.
وقول آخر : إن هذه الحروف ذكرت لتدل على أن القرآن مؤلف من الحروف التي هي : ، أب ت ث ، فجاء بعضها مقطعا ، وجاء تمامها مؤلفا ، ليدل القوم الذين نزل القرآن فيما بين ظهرانيهم أنه بالحروف التي يعقلونها ، فيكون ذلك تعريفا لهم ، ودلالة على عجزهم عن أن يأتوا بمثله بعد أن أعلموا أنه منزل بالحروف التي يعرفونها ، ويبنون كلامهم منها.
وقال أحمد بن فارس : وأقرب القول في ذلك وأجمعه قول بعض علمائنا : إن أولى الأمور أن تجعل هذه التأويلات كلها تأويلا واحدا ، فيقال : إن الله عزوجل افتتح السور بهذه الحروف إرادة منه الدلالة بكل حرف منها على معان كثيرة لا على معنى واحد ، فتكون هذه الحروف جامعة لأن تكون افتتاحا للسور ، وأن يكون كل
__________________
(٣٤) البقرة : ١.
(٣٥) آل عمران : ١.
(٣٦) فصلت : ٢٦.