وهذا كما قاله أبو عبيدة ، وقول سائر أهل اللغة : أنه دخل في كلام العرب ما ليس من لغاتهم فعلى هذا التأويل الذي تأوله أبو عبيدة.
فأما أبو عبيد القاسم بن سلام ، فأخبرنا علي بن إبراهيم (٢٤) ، عن علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد ، قال : أما لغات العجم في القرآن فإن الناس اختلفوا فيها ، فروي عن ابن عباس وعن مجاهد (٢٥) وابن جبير (٢٦) ، وعكرمة (٢٧) ، وعطاء (٢٧) ، وغيرهم من أهل العلم أنهم قالوا في أحرف كثيرة أنها بلغات العجم ، منها : طه. والطور ، والربانيون ، فيقال : إنها بالسريانية ، ومنها : الصراط والقسطاس ، والفردوس ، يقال إنها بالرومية ، ومنها قوله : كمشكاة ، و (كفلين من رحمته) (٢٩) ، يقال إنها بالحبشية ، وقوله : (هيت لك) (٣٠) ، يقال : إنها بالحورانية ، قال : فهذا قول أهل العلم من الفقهاء ، قال : وزعم أهل العربية أن القرآن ليس فيه من كلام العجم شئ ، وأنه كله بلسان عربي ، يتأولون قوله جل ثناؤه : (إنا جعلناه قرآنا عربيا) (٣١) وقوله : (بلسان عربي مبين) (٣٢).
__________________
(٢٤) في الصاحبي : فأخبر نعمي بن إبراهيم ، تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه ، وهي سلسلة روايات ابن فارس ، ينظر مجمل اللغة ١ / ١٤٤ ـ ٢٢ ، وغيرها كثير.
(٢٥) قيل : مجاهد بن جبر ، وقيل : ابن سعيد ، وهو أبو الحجاج. المكي مولى بني مخزوم ، من أجلة التابعين ، والأعلام في التفسير ، اختلف في سنة وفاته ما بين (١٠٠ ـ ١٠٤ ه).
حلية الأولياء ٣ / ٢٧٩ ـ ٣١٠ ، معجم الأدباء ٦ / ٢٤٢ ، غاية النهاية ٢ / ٤١.
(٢٦) أبو عبد الله سعيد بن جبير بن هشام الكوفي ، من كبار التابعين ، وأئمتهم ، شهر بالتفسير والحديث والفقه والعبادة والورع ، وقتله الحجاج بن يوسف الثقفي ، وما على وجه الأرض أحد إلا وهو مقتصر إلى علمه ، بحسب عبارة ابن حنبل.
وفيات الأعيان ٢ / ٣٧١ ـ ٣٧٤ ، حلية الأولياء ٤ / ٢٧٢ ، شذرات الذهب ١ / ١٠٨.
(٢٧) أبو عبد الله عكرمة بن عبد الله المدني ، مولى عبد الله بن عباس. من العارفين بالتفسير والمغازي ، واختلف في وفاته ما بين سنة ١٠٤ وسنة ١١٥ ه.
وفيات الأعيان ٣ / ٢٦٥ ، شذرات الذهب ١ / ١٣٠ تهذيب الأسماء ١ / ٣٤٠.
(٢٨) هو عطاء بن أبي رباح ، من أعلام التابعين ، انتهت إليه الفتوى في مكة مع مجاهد. توفي في سنة ١١٤ ، وقيل ١١٥.
وفيات الأعيان ٣ / ٢٦١ ، كتاب الوفيات ١١٢.
(٢٩) الحديد : ٢٨.
(٣٠) يوسف : ٢٣.
(٣١) الزخرف : ٣.
(٣٢) العشراء : ١٩٥.