ونقائص الحقائق الإمكانية. فهي ليست من جملة العالم ، ومما سوى الله ، وليس وجودها وجوداً مبايناً لوجود الحق سبحانه ، ولا هي موجودات بنفسها لنفسها ، بل إنّما هي من المراتب الإلهية ، والمقامات الربوبية ، وهي موجودة بوجود واحد ، باقية ببقاء واحد ، والعالم إنما هو ماسواه ، كما حرّره صدر المتألّهين (٣٩).
نعم قد أطلق عليها العالم في الفصل الثالث والثلاثين من تمهيد القواعد ، لصائن الدين باعتبار تغايرها الذاتي ، فارجع إليه والى تعليقاتنا على ذلك الفصل منه (٤٠).
ومنها قوله : « فإن قلت : العلم تابع للمعلوم ... ».
أقول : قد أتى بهذا السؤال والجواب صاحب الأسفار بعد كلامه المذكور آنفاً مع زيادة إيضاح حيث قال : « فإن قلت : العلم تابع للمعلوم ، فكيف يكون هذا العلم الذي هو الذات الإلهية تابعة للاشياء ؟ ».
قلنا : هذا العلم الإلهي لكونه كالقدرة ، والقدرة ونظائرها من الصفات الإضافية ـ أي من الحقائق ذوات الإضافة الى الأشياء ـ فله اعتباران :
أحدهما : اعتبار عدم مغايرته للذات الأحدية ، وهي بهذا الأعتبار من صفات الله ، وغير تابعة لشيء ، بل الأشياء تابعة له إذ به صدرت وجودات الأشياء في الخارج ، ولهذه الجهة قيل : علمه تعالى فعلي.
وثانيهما : اعتبار إضافته إلى الأشياء ، وهو بهذا الأعتبار تابع للأشياء متكثّر بتكثرها ، وسنشبع القول في تحقيق هذا المقام عند بيان كيفية علمه تعالى بالأشياء على طريقة أصحاب المكاشفة الذوقية ، ونحن قد جعلنا مكاشفاتهم الذوقية مطابقة للقوانين البرهانية ، والكلام في كون علمه تعالى تابعاً للمعلوم أم المعلوم تابعاً له ؟ الأليق بذكره أن يكون هناك من ها هنا (٤١).
أقول : الموضع المذكور في علمه هو الفصل التالي من الفصل المذكور وهو الفصل الثاني عشر من الموقف الثالث من إلهيات الأسفار (٤٢).
وقد حقّقنا في مصنّفنا الموسوم بالعرفان والحكمة المتعالية ان اُمهات مسائل
____________________________
(٣٩) الفصل الثامن من الموقف الثاني من إلهيات الأسفار ٣ : ٤٨ ، الطبعة الاُولى.
(٤٠) لاحظ : ص ٩٥ ، الطبعة الاُولى.
(٤١) لاحظ : ص ٥٧ ، ج ٣ ، الطبعة الاُولى.
(٤٢) لاحظ : ص ٥٧ ـ ٦٣ ، ج ٣ ، الطبعة الاُولى.