مخطوطة أصيلة تزيد الكتاب ثقة به واطمئناناً إليه واعتماداً عليه ...
حينذاك يبدأ سعي المحقّق في تجميع النسخ ، وهي ـ في الوقت الحاضر ـ مصوّرات كلّما ازدادت وضوحاً في التصوير ازدادت شبهاً بأصلها ، وحلّت محلّه في القراءة وتهيئة النسخة للعمل (١).
وهنا تظهر فائدة فهارس المخطوطات ، لمعرفة أماكن هذه النسخ والسعي في الحصول على مصوّراتها.
ولا ننسى الإستعانة بذوي الخبرة في الهداية إلى مظانّها وتقييمها ، وفي إعانتهم للمحقّق في تحصيلها بما لهم من صلات مع أصحاب الكتب والقائمين عليها.
* * *
فحص النسخ وتقييمها
وهنا يأتي دور فحص النسخ لاعتماد ما يجب الإعتماد عليه منها وإهمال ما ينبغي إهماله.
وهذا الدور من أهمّ أدوار هذا الفنّ ، لأنّ نتيجة التحقيق وثمرة جهد المحقّق مبنيّتان عليه.
وقد اعتورت مخطوطاتنا ظروف كانت حسنة حيناً سيّئة أحياناً كثيرة.
وتداولتها ـ بعد أيدي النسّاخ ـ أيدٍ كانت في الغالب غير أمينة :
فمن متولّي وقف حَسّن له الشيطان وألجأه فقر المجتمع المتخلّف إلى بيع ما تحت يده ، فمزّق الورقة الاُولى ليضيع أثر الوقف ، ففوّت علينا معرفة عنوان الكتاب واسم مؤلّفه وفوائد اُخر.
ومن متعصّب ضيّق الاُفق ساءه أن يرى لعالم من غير أهل نحلته أثراً ، فعدا عليه تمزيقاً أو شطباً أو محواً أو تحريفاً لما لا يروقه ...
ومن وارث جاهل صار ما وصل من ذخيرة الاُمّة إليه لعبة لأطفاله ، مبذولاً لكلّ من هبّ ودبّ من معارفه.
ومن .. ومن ..
____________________________
(١) قلنا هذا ، لأنّ اختبار الورق والحبر لا يمكن إلّا على المخطوطة نفسها.