المجتنب لسخطه ، ثمَّ قال : لا تستقبحنَّ الحسن وإن كان في الفجّار ، ولا تستحسننَّ القبيح وإن كان في الأبرار.
ثمّ قال له : أخبرني أيُّ النّاس أولى بالسّعادة؟ وأيّهم أولى بالشّقاوة؟.
قال بلوهر : أولاهم بالسّعادة المطيع لله عزَّ وجلَّ في أوامره ، والمجتنب لنواهية ، وأولاهم بالشّقاوة العامل بمعصية الله ، التارك لطاعته ، المؤثر لشهوته على رضي الله عزَّ وجلَّ ، قال : فأيُّ النّاس أطوعهم لله عزوجل؟ قال : أتبعهم لأمره ، وأقواهم في دينه وأبعدهم من العمل باسيّئات ، قال : فما الحسنات والسيّئات؟ قال : الحسنات صدق النيّة والعمل ، والقول الطيّب ، والعمل الصّالح ، والسيئات سوء النيّة ، وسوء العمل ، والقول السيّيء ، قال : فما صدق النيّة؟ قال : الاقتصاد في الهمّة ، قال : فما سوء (١) القول؟ قال : الكذب ، قال : فما سوء العمل (١)؟ قال : معصية الله عزَّ وجلَّ قال : أخبرني كيف الاقتصاد في الهمة؟ قال : التذكر لزوال الدُّنيا وانقطاع أمرها ، والكفّ عن الأُمور الّتي فيها النّقمة والتّبعة في الاخرة.
قال : فما السّخاء؟ قال : إعطاء المال في سبيل الله عزَّ وجلَّ ، قال : فما الكرم؟ قال : التقوى ، قال : فما البخل؟ قال : منع الحقوق عن أهلها وأخذها من غير وجهها قال : فما الحرص؟ قال : الاخلاد إلى الدُّنيا ، والطماح إلى الأُمور الّتي فيها الفساد وثمرتها عقوبة الاخرة ، قال : فما الصدق؟ قال : الطريقة في الدِّين بأن لا يخادع المرء نفسه ولا يكذبها ، قال : فما الحمق؟ قال : الطمأنينة إلى الدُّنيا وترك ما يدوم ويبقى ، قال : فما الكذب؟ قال : أن يكذب المرء نفسه فلا يزال بهواه شعفا ولدينه مسوفا ، قال : أي الرِّجال أكملهم في الصّلاح؟ قال : أكملهم في العقل وأبصرهم بعواقب الأُمور ، وأعلمهم بخصومة ، وأشدُّهم منهم احتراساً ، قال : أخبرني ما تلك العاقبة وما اولئك الخصماء الّذين يعرفهم العاقل فيحترس منهم؟ قال : العاقبة الاخرة والفناء الدُّنيا ، قال : فما الخصماء؟ قال : الحرص والغضب والحسد الحميّة والشهوة والرِّياء واللجاجة.
__________________
(١) في بعض النسخ « شر » مكان « سوء ».