ما ذكرتما أنَّ الميثميَّ (١) أخبركما عن المختار ومناظراته من لقى واحتجاجه بأنّه لا خلف غير جعفر بن عليٍّ وتصديقه إيّاه وفهمت جميع ما كتبتما به ممّا قال أصحابكما عنه وأنا أعوذ بالله من العمى بعد الجلاء ، ومن الضّلالة بعد الهدى ، ومن موبقات الاعمال ومرديات الفتن (٢) ، فإنّه عزَّ وجلَّ يقول « ألم أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون (٣) » ، كيف يتساقطون في الفتنة ، ويتردَّدون في الحيرة ، ويأخذو يميناً وشمالاً ، فارقوا دينهم ، وأم ارتابوا ، أم عاندوا الحق ، أم جهلوا ما جاءت به الرِّوايات الصادقة والاخبار الصحيحة ، أو علموا ذلك فتناسوا ما يعلمون إنَّ الأرض لا تخلو من حجّة إما ظاهراً وأمّا مغموراً.
أو لم يعلموا انتظام أئمّتهم بعد نبيّهم صلىاللهعليهوآله واحداً بعد واحد إلى أن أفضى الامر بأمر الله عزَّ وجلَّ إلى الماضي ـ يعني الحسن بن عليٍّ عليهماالسلام ـ فقام مقام آبائه عليهمالسلام يهدي إلى الحقِّ وإلى طريق مستقيم ، كانوا نوراً ساطعاً ، وشهاباً لامعاً ، وقمراً زاهراً ، ثمّ اختار الله عزَّ وجلَّ له ما عنده فمضى على منهاج آبائه عليهمالسلام حذو النعل بالنعل على عهد عهده ، ووصيّة أوصى بها إلى وصيٍّ ستره الله عزَّ وجلَّ بأمره إلى غاية وأخفى مكانه بمشيئة للقضاء السابق والقدر النافذ ، وفينا موضعه ، ولنا فضله ، ولو قد أذن الله عزَّ وجلَّ فيما قد منعه عنه وأزال عنه ما قد جرى به من حكمه لاراهم الحق ظاهراً بأحسن حلية ، وأبين دلالة ، وأوضع علامة ، ولا بان عن نفسه وقام بحجّته ولكن أقدار الله عزَّ وجلَّ لا تغالب وإرادته لا تردُّ وتوفيقه لا يسبق ، فليدعوا عنهم اتّباع الهوى وليقيموا على أصلهم الّذي كانوا عليه ، ولا يبحثوا عمّا ستر عنهم فيأثموا ، ولا يكشفوا ستر الله عزَّ وجلَّ فيندموا ، وليعلموا أنَّ الحق معنا وفينا ، لا يقول ذلك سوانا إلّا كذَّاب مفتر ، ولا يدَّعيه غيرنا إلّا ضالٌّ غويٌّ ، فليقتصروا منّا على هذه الجملة دون التفسير ، ويقنعوا من ذلك بالتعريض دون التصريح إن شاء الله.
__________________
(١) في النسخ « الهيثمي ».
(٢) أي مهلكاتها. أوبقه : أهلكه.
(٣) الروم : ٢.