الكوفة ، فلمّا وافيتها نزلت عن راحلتي وسلّمت متاعي إلى ثقات إخواني وخرجت أسأل عن آل أبي محمّد عليهالسلام ، فما زلت كذلك فلم أجد أثراً ، ولا سمعت خبراً ، وخرجت في أوَّل من خرج اُريد المدينة ، فلمّا دخلتها لم أتمالك أن نزلت عن راحلتي وسلّمت رحلي إلى ثقات إخواني وخرجت أسأل عن الخبر وأقفوا الاثر ، فلا خبراً سمعت ، ولا أثراً وجدت ، فلم أزل كذلك إلى أن نفر النّاس إلى مكة ، وخرجت مع من خرج ، حتّى وافيت مكة ، ونزلت فاستوثقت من رحلي وخرجت أسأل عن آل أبي محمّد عليهالسلام فلم أسمع خبراً ولا وجدت أثراً ، فما زلت بين الاياس والرَّجاء متفكّراً في أمري وعائباً على نفسي ، وقد جنَّ اللّيل. فقلت : أرقب إلى أن يخلو لي وجه الكعبة لاطوف بها وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يعرِّفني أملي فيها فبينما أنا كذلك وقد خلالي وجه الكعبة إذ قمت إلى الطواف ، فإذا أنا بفتى مليح الوجه ، طيّب الرائحة ، مترّز ببردة ، متّشح باُخرى ، وقد عطف بردائه على عاتقه فرعته (١) ، فالتفت إليَّ فقال : ممّن الرّجل؟ فقلت : من الاهواز ، فقال : أتعرف بها ابن الخصيب! فقلت : رحمه الله دعي فأجاب ، فقال : رحمه الله لقد كان بالنّهار صائماً وباللّيل قائماً وللقرآن تالياً ولنا موالياً ، فقال : أتعرف بها عليَّ بن إبراهيم بن مهزيار؟ فقلت : أنا عليٌّ ، فقال : أهلاً وسهلاً بك يا أبا الحسن. أتعرف الصريحين (٢)؟ قلت : نعم قال : ومن هما؟ قلت : محمّد وموسى. ثمّ قال : ما فعلت العلامة الّتي بينك وبين أبي محمّد عليهالسلام فقلت : معي ، فقال : أخرجها إليَّ ، فأخرجتها إليه خاتماً حسناً على فصّه « محمّد وعليّ » فلمّا رأى ذلك بكى [ مليّاً ورن شجيّاً ، فأقبل يبكي بكاء ] طويلاً وهو يقول : رحمك الله يا أبا محمّد فلقد كنت إماماً عادلاً ، ابن أئمّة وأبا إمام ، أسكنك الله الفردوس الأعلى مع آبائك عليهمالسلام.
ثم قال : يا أبا الحسن صر إلى رحلك وكن على اُهبة من كفايتك (٣) حتّى إذا ذهب الثلث من اللّيل وبقي الثلثان فالحق بنا فانّك ترى مناك [ إن شاء الله ] قال ابن مهزيار :
__________________
(١) أي خفته وفي بعض النسخ « فحركته ».
(٢) تقدَّم الكلام فيه ص ٤٤٦.
(٣) في بعض النسخ « اهبة السفر من لقائنا ».