وتراخى بنا فنون الأحاديث (١) ـ إلى أن قال لي ـ : يا أبا إسحاق أخبرني عن عظيم ما توخّيت بعد الحج؟ قلت : وأبيك ما توخيت إلّا ما سأستعلمك مكنونه ، قال : سل عمّا شئت فإني شارح لك إن شاء الله؟ قلت : هل تعرف من أخبار آل أبي محمّد الحسن عليهماالسلام شيئا؟ قال لي : وأيم الله إنى لاعرف الضوء بجبين (٢) محمّد وموسى ابني الحسن ابن عليّ عليهمالسلام ثمّ إنّي لرسولهما إليك قاصدا لانبائك أمرهما فإنَّ أحببت لقاءهما والاكتحال بالتبرك بهما فارتحل معي إلى الطائف وليكن ذلك في خفية من رجالك واكتتام.
قال إبراهيم : فشخصت معه إلى الطائف أتخلّل رملة فرملة حتّى أخذ في بعض مخارج الفلاة فبدت لنا خيمة شعر ، قد أشرفت على أكمة رمل تتلألؤاً تلك البقاع منها تلالؤا ، فبدرني إلى الاذن ، ودخل مسلّماً عليهما وأعلمهما بمكاني فخرج عليَّ أحدهما وهو الأكبر سنّاً « م ح م د » ابن الحسن عليهماالسلام وهو غلام أمرد ناصع اللّون ، واضح الجبين ، أبلج الحاجب ، مسنون الخدَّين ، أقنى الانف ، أشمُّ أروع كأنّه غصن بان ، وكأنَّ صفحة غرَّته كوكب دري ، بخده الايمن خال كأنه فتاة مسك على بياض الفضّة وإذا برأسه وفرة سحماء (٣) سبطة تطالع شحمة أذنه ، له سمت ما رأت العيون أقصد منه ولا أعرف حسناً وسكينة وحياء.
__________________
(١) كذا في جميع النسخ « ووقع في نسخة العلامة المجلسي (ره) في البحار تصحيف.
(٢) في البحار « الضريحين » وقال في بيانه : البعيدين عن الناس. وقال : قال الجوهري : الضريح : البعيد ـ الخ. والصريح : الخالص والمراد خالص النسب ، وفي بعض النسخ « الضويحين » تثنية الضويحة مصغر الضاحة بمعنى البصر والعين. والتصغير للمحبة فالمعنى البصرين أو العينين المحبوبين ، لكنه بعيد لمّا سيجيء تحت رقم ٢٣ « اتعرف الصريحين قلت ، نعم ، قال : ومن هما؟ قلت محمّد وموسى ».
(٣) الناصع الخالص. والبلجة : نقاوه ما بين الحاجبين ، يقال : رجل أبلج بين البلج إذا لم يكن مقرونا. والمسنون : المملس ورجل مسنون الوجه إذا كان في وجهه وانفه طول. والشمم : ارتفاع في قصبة الانف مع استواء أعلاه ، فإن كان فيها احديداب فهو