عمّن في سجنك من اُسارى المسلمين وفككت عنهم الأغلال وتصدقت عليهم ومننتهم بالخلاص لرجوت أن يهب المسيح وامه لى عافية وشفاء ، فلمّا فعل ذلك جدي تجلدت في إظهار الصحة في بدني وتناولت يسيراً من الطعام فسَّر بذلك جدِّي وأقبل على إكرام الاُسارى إعزازهم ، فرأيت أيضاً بعد أربع ليال كأنَّ سيّدة النساء قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف وصيفة من وصائف الجنان فتقول لي مريم : هذه سيّدة النساء أمّ زوجك أبي محمّد عليهالسلام ، فأتعلّق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمّد من زيارتي ، فقالت ليٌّ سيّدة النساء عليهاالسلام : إنَّ ابني أبا محمّد لا يزورك وأنت مشركة بالله وعلى مذهب النصارى (١) وهذه اختي مريم تبرَّأ إلى تعالى من دينك فإنَّ ملت إلى رضا الله عزَّ وجلَّ ورضا المسيح ومريم عنك وزيارة أبي محمّد أياك فتقولي : أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنَّ ـ أبي ـ محمداً رسول الله ، فلمّا تتكلّمت بهذه الكلمة ضمّتني سيّدة النساء إلى صدرها فطيبت لي نفسي ، وقالت : الان توقّعي زيارة أبي محمّد إيّاك فإنّي منفذه إليك ، فانتبهت وأنا أقول : واشوقاه إلى لقاء أبي محمّد ، فلمّا كانت اللّيلة القابلة جاءني أبو محمّد عليهالسلام في منامي فرأيته كأني أقول له : جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبّك؟ قال : ما كان تأخيري عنك إلّا لشركك وإذ قد أسلمت فإني زائرك في كلّ ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان ، فما قطع عنّي زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية.
قال بشر : فقلت لها : وكيف وقعت في الاسر (٢) فقالت : أخبرني أبو محمّد ليلة من الليالي أن جدَّك سيسرب (٣) جيوشاً إلى قتال المسلمين يوم كذا ، ثمَّ يتبعهم فعليك باللّحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا ، ففعلت فوقعت علينا طلائع المسلمين حتّى كان من أمري ما رأيت وما شاهدت وما شعر أحد [ بي ] بأنّي ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك ، وذلك باطلاعي إيّاك عليه ، ولقد سألني الشيخ الّذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت : نرجس ، فقال :
__________________
(١) كذا في البحار وفي جميع النسخ « على دين مذهب النصارى ».
(٢) في بعض النسخ « وكيف صرت في الاسارى ».
(٣) أي سيرسل. وفي البحار عن الغيبة « سيسر ».