تبارك وتعالى في كتابه « ونوحاً هدينا من قبل ومن ذرّيّته داود وسليمن وأيّوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك نجزى المحسنين * وزكريّا ويحيى وعيسى وإلياس كلّ من الصالحين * وإسمعيل واليسع ويونس ولوطا وكلّا فضّلنا على العالمين * ومن آبائهم وذرّيّاتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم [ ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ] أولئك الّذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوَّة فإنَّ يكفر بها هؤلاء فقد وكّلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين » (١) فإنّه وكّل بالفضل من أهل بيته من الاباء والاخوان والذُّريّة وهو قول الله عزَّ وجلَّ في كتابه : « فإنَّ يكفر بها (أمّتك) فقد ولكنا » أهل بيتك بالايمان الّذي أرسلتك به فلا يكفرون بها أبداً ولا أضيع الايمان الّذي أرسلتك به وجعلت أهل بيتك بعدك علما على أمتك (٢) وولاة من بعدك وأهل استنباط علمي الّذي ليس فيه كذب ولا إثم ولا وزر ولا بطر ولا رياء ، فهذا تبيان ما بيّنه الله عزَّ وجلَّ من أمر هذه الاُمّة بعد نبيها صلىاللهعليهوآله ، أنَّ الله تعالى طهر أهل بيت نبيّه وجعل لهم أجر المودة واجرى لهم الولاية وجعلهم أوصياءه وأحبّاءه وأئمّته بعده في أمّته (٣) ، فاعتبروا أيّها النّاس فيما قلت وتفكّروا حيث وضع الله عزَّ وجلَّ ولايته وطاعته ومودّته واستنباط علمه وحجّته ، فإياه فتعلّموا ، وبه فاستمسكوا تنجوا ، وتكون لكم به حجّة يوم القيامة والفوز ، فإنّهم صلة ما بينكم وبين ربّكم ولا تصل الولاية إلى الله عزَّ وجلَّ إلّا بهم فمن فعل ذلك كان حقا على الله عزَّ وجلَّ أن يكرمه ولا يعذِّبه ، ومن يأت الله بغير ما أمره كان حقّاً على الله أن يذلّه ويعذّبه (٤).
وانّ الأنبياء بعثوا خاصّة وعامّة ، فأمّا نوح فإنّه أرسل إلى من في الأرض
__________________
(١) الانعام ٨٤ إلى ٩٠.
(٢) في بعض النسخ « بعدك علماء امتك » وفي بعضها « بعدك علماء عنك وولاة ـ الخ ».
(٣) في بعض النسخ « وحججه ثابتة بعده في امته ».
(٤) هنا تمام الخبر كما في روضة الكافي تحت رقم ٩٢ ، والظاهر أنَّ الباقي من كلام المؤلف أخذه من الاخبار.