شثن الكفِّ والقدم (١) إذا التفت التفت جميعاً ، وإذا مشى فكأنّما يتقلّع من الصّخر ، وينحدر من صبب (٢) وإذا جاء مع القوم بذَّهم (٣) ، عرقه في وجهه كاللّؤلؤ ، وريح المسك تنفح منه ، لم ير قبله مثله ولا بعده ، طيّب الرِّيح ، نكاح للنساء ، ذو النسل القليل إنّما نسله من مباركة (٤) لها بيت في الجنّة ، لا ضحب فيه ولا نصب (٥) ، يكفّلها في آخر الزَّمان كما كفل زكريّا اُمّك ، لها فرخان مستشهدان ، كلامه القرآن ، ودينه الاسلام ، وأنا السّلام. فطوبى لمن أدرك زمانه ، وشهد أيّامه ، وسمع كلامه.
قال عيسى : يا ربّ وما طوبى؟ قال : شجرة في الجنّة أنا غرستها بيدي تظلُّ الجنان ، أصلها من رضوان ، ماؤها من تسنيم (٦) برده برد كافور ، وطعمه طعم الزَّنجبيل من شرب من تلك العين شربة لا يظمأ بعدها أبداً.
فقال عيسى عليهالسلام : اللّهمّ اسقني منها ، قال : حرام يا عيسى على البشر أن تشربوا منها حتّى يشرب ذلك النبيّ ، وحرام على الامم أن يشربوا منها حتّى تشرب منها أمّة ذلك النبيّ ، يا عيسى أرفعك إليَّ ثمّ أهبطك في آخر الزَّمان لترى من أمة ذلك النبيِّ العجائب ولتعينهم على اللّعين الدّجّال أهبطك في وقت الصلاة لتصلّي معهم ، إنّهم أمة مرحومة.
وكانت للمسيح عليهالسلام (٧) غيبات يسيح فيها في الأرض ، فلا يعرف قومه وشيعته خبره ، ثمّ ظهر فأوصى إلى شمعون بن حمون عليهالسلام فلمّا مضى شمعون غابت الحجج بعده
__________________
(١) شثن الكفين أي أنّهما يميلان إلى الغلظ والقصر. وقيل : هو الّذي في أنامله غلظ بلا قصر يمدح في الرجال لأنّه أشد لقبضهم ويذم في النساء. (النهاية).
(٢) أي يرفع رجليه من الأرض رفعاً بيناً بقوة دون احتشام ، لا كمن يمشى اختيالا ويقارب خطاه لأنّ ذلك من مشى النساء والصبب ما انحدر من الأرض أو الطريق.
(٣) في النهاية في الحديث « بذ العالمين » أي سبقهم وغلبهم.
(٤) يعنى الزهراء سلام الله عليها.
(٥) الصخب ـ بالتحريك ـ : الضجة والصياح والجلبة. والنصب : التعب والداء.
(٦) اسم عين في الجنّة ويقال : هو أرفع شراب أهلها. تسنمهم من فوقهم.
(٧) من كلام المصنف.