وبعث إليهم سمكة تدعى القمد لا لحم لها ولا عظم وإنّما هي جلد ودم فخرجت من البحر فأوحى الله عزَّ وجلَّ إلى النحل أن تركبها ، فركبتها فأتت النحل إلى تلك الجزيرة ونهض النحل وتعلَّق بالشجر فعرش وبنى وكثر العسل ولم يكونوا يفقدون شيئاً من أخبار المسيح عليهالسلام.
٨
( باب )
* (بشارة عيسى بن مريم عليهالسلام بالنبي محمّد المصطفى (ص) ) *
١٨ ـ حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيُّ رضياللهعنه قال : حدّثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلوديُّ البصريُّ بالبصرة قال : حدّثنا محمّد بن عطيّة الشاميُّ قال : حدّثنا عبد الله بن عمر وبن سعيد البصريُّ قال : حدّثنا هشام بن ـ جعفر ، عن حماد بن عبد الله بن سليمان (١) وكان قارئاً للكتب قال : قرأت في الانجيل : يا عيسى جَّد في أمري ولا تهزل ، واسمع وأطع ، يا ابن الطاهرة الطهر البكر البتول أنت من غير فحل ، أنا خلقتك آية للعالمين فإيّاي فاعبد ، وعليَّ فتوكّل ، خذ الكتاب بقوَّة ، فسّر لأهل سوريا بالسّريانيّة ، بلّغ من بين يديك إنّي أنا الله الدّائم الّذي لا أزول ، صدِّقوا النبيّ الامّي صاحب الجمل والمدرعة والتاج ـ وهي العمامة ـ والنعلين والهراوة ـ وهي القضيب ـ ، الانجل العينين ، الصلت الجبين ، الواضح الخدَّين ، الاقنى الانف (٢) مفلّج الثنايا ، كأنَّ عنقه إبريق فضّة ، كأنَّ الذَّهب يجري في تراقيه ، له شعرات من صدره إلى سرَّته ، ليس على بطنه ولا على صدره شعرٌ ، أسمر اللّون ، دقيق المسربة (٣)
__________________
(١) كذا والصواب « حدّثنا هشام بن سنبر أبو عبد الله ، عن حماد بن أبى سليمان ».
(٢) المدرعة ـ كمكنسة ـ : ثوب كالدراعة ولا تكون إلّا من صوف. والهراوة : العصا. وفى القاموس النجل ـ بالتحريك ـ : سعة العين فهو أنجل. والصلت الجبين أي واسعة وأقنى الانف : محدبه أي ارتفع وسط قصبة أنفه وضاق منخراه.
(٣) مفلج الثنايا أي منفرجها. وقوله « كأن الذهب يجرى في تراقيه » التراقي جمع الترقوه وهو العظم الّذي بين ثغرة النحر والعاتق ولعله كناية عن حمرة ترقوته. والمسربة بضم الراء : ما دق من شعر الصدر سائلا إلى الجوف.