ويرجون الفرج في ظهوره وعلى يده أمر أن يُجعل في جبٍّ عظيم واسع ويجعل معه الاسد ليأكله ، فلم يقربه ، وأمر أن لا يطعم فكان الله تبارك وتعالى يأتيه بطعامه وشرابه على يد نبيٍّ من أنبيائه فكان دانيال يصوم النّهار ويفطر باللّيل على ما يدلى إليه من الطعام فاشتدَّت البلوى على شيعته وقومه والمنتظرين له ولظهوره وشكَّ أكثرهم في الدِّين لطول الامد.
فلمّا تناهى البلاء بدانيال عليهالسلام وبقومه رأى بختنّصر في المنام كانَّ ملائكة من السّماء قد هبطت إلى الأرض أفواجاً إلى الجبِّ الّذي فيه دانيال مسلّمين عليه يبشِّرونه بالفرج ، فلمّا أصبح ندم على ما أتى إلى دانيال فأمر بأن تخرج من الجبِّ فلمّا اُخرج اعتذر إليه ممّا ارتكب منه من التعذيب ، ثمّ فوَّض إليه النَّظر في أمور ممالكه والقضاء بين النّاس ، فظهر من كان مستتراً من بني إسرائيل ورفعوا رؤوسهم واجتمعوا إلى دانيال عليهالسلام موقنين بالفرج فلم يلبث إلّا القليل على تلك الحال حتّى مات وأفضى الامر بعده إلى عزير عليهالسلام فكانوا يجتمعون إليه ويأنسون به ويأخذون عنه معالم دينهم ، فغيّب الله عنهم شخصه مائة عام ثمّ بعثه وغابت الحجج بعده واشتدت البلوى على بني إسرائيل حتّى ولد يحيى بن زكريّا عليهماالسلام وترعرع فظهر وله سبع سنين فقام في النّاس خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه وذكرّهم بأيّام الله ، وأخبرهم أنَّ محن الصالحين إنّما كانت لذنوب بني إسرائيل وأنَّ العاقبة للمتقين ووعدهم الفرج بقيام المسيح عليهالسلام بعد نيّف وعشرين سنة من هذا القول ، فلمّا ولد المسيح عليهالسلام أخفى الله عزّ وجلّ ولادته وغيب شخصه ، لأنّ مريم عليهاالسلام لمّا حملته انبتذت به مكاناً قصيّاً ، ثمّ أنَّ زكريا وخالتها أقبلا يقصان أثرها حتّى هجما عليها وقد وضعت ما في بطنها وهي تقول : « يا ليتني متُّ قبل هذا وكنت نسياً منسيّاً » فأطلق الله تعالى ذكره لسانه بعذرها وإظهار حجّتها ، فلمّا ظهرت اشتدَّت البلوى والطلب على بني إسرائيل وأكبَّ الجبابرة والطواغيت عليهم حتّى كان من أمر المسيح ما قد أخبر الله عزَّ وجلَّ به واستتر شمعون بن حمون والشيعة حتّى أفضى بهم الاستتار إلى جزيرة من جزائر البحر فأقاموا بها ففجَّر الله لهم العيون العذبة وأخرج لهم من كلِّ الثمرات ، وجعل لهم فيها الماشية