فإن قالوا : يعرف بإجماع العترة عليه ، قلنا لهم : كيف تجتمع عليه فإنَّ كان إماميّاً لم ترض به الزّيديّة وإن كان زيديّاً لم ترض به الاماميّة ، فإنَّ قال : لا يعتبر بالامامية في مثل هذا ، قيل له : فالزّيديّة على قسمين قسم معتزلة وقسم مثبتة ، فإنَّ قال : لا يعتبر بالمثبتة في مثل هذا ، قيل له : فالمعتزلة قسمان قسم يجتهد في الأحكام بآرائها وقسم يعتقد أنَّ الاجتهاد ضلال ، فإنَّ قال : لا يعتبر بمن نفي الاجتهاد ، قيل له : فإنَّ بقي ـ ممّن يرى الاجتهاد ـ منهم أفضلهم ، وبقي ـ ممّن يبطل الاجتهاد ـ منهم أفضلهم ، ويبرأ بعضهم من بعض بمن نتمسّك وكيف نعلم المحقَّ منهما ، هو من تؤمي أنت وأصحابك إليه دون غيره؟ فإنَّ قال : بالنظر في الاُصول ، قلنا فإنَّ طال الاختلاف واشتبه الامر كيف نصنع وبما نتفصي من قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : « إنّي تاركٌ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي : أهل بيتى » والحجّة من عترته لا يمكن أحداً (١) أن يعرفه إلّا بعد النظر في الاُصول والوقوف على أنَّ مذاهبه كلّها صواب ، وعلى أنَّ من خالفه فقد أخطأ ، وإذا كان هكذا فسبيله وسبيل كلّ قائل من أهل العلم سبيل واحد فما تلك الخاصّة الّتي هي للعترة دلّنا عليها وبيّن لنا جميعها لنعلم أنَّ بين العالم من العترة وبين العالم من غير العترة فرقاً وفصلاً.
واخرى يقال لهم : أخبرونا عن إمامكم اليوم ، أعنده الحلال والحرام؟ فإذا قالوا : نعم ، قلنا لهم : وأخبرونا عمّا عنده ممّا ليس في الخبر المتواتر هل هو مثل ما عند الشافعيِّ وأبي حنيفة ومن جنسه أو هو خلاف ذلك ، فإنَّ قال : بل عنده الّذي عندهما ومن جنسه ، قيل لهم : وما حاجة النّاس إلى علم إمامكم الّذي لم يسمع به ، وكتب الشافعيِّ وأبي حنفية ظاهرة مبثوثة موجودة ، وإن قال : بل عنده خلاف ما عندهما قلنا : فخلال ما عندهما هو النصُّ المستخرج الّذي تدّعيه جماعة من مشايخ المعتزلة وإنَّ الاشياء كلّها على إطلاق العقول إلّا ما كان في الخبر القاطع للعذر على مذهب النظّام وأتباعه ، أو مذهب الاماميّة أنَّ الأحكام منصوصة ، واعلموا أنّا لا نقول منصوصة على الوجه الّذي يسبق إلى القلوب ولكنَّ المنصوص عليه بالجمل الّتي من فهمها فهم الأحكام من غير
__________________
(١) أي لاحد.