دعوا إلى الكتاب والرِّضا من آل محمّد وهذه دعوة حقّ.
وأما قوله : « كيف يتّخذه الله شهيداً على من لم يرهم ولا أمرهم ولا نهاهم » فيقال له : ليس معنى الشهيد عند خصومك ما تذهب إليه ، ولكن إن عبتَ الاماميّة بأنَّ من لم يُروجهه ولا عُرف شخصه لا يكون بالمحلِّ الّذي يدَّعونه له فأخبرنا عنك من الامام الشّهيد من العترة في هذا الوقت ، فإنَّ ذكر أنَّه لا يعرفه دخل فيما عاب ولزمه ما قدّر أنَّه يلزم خصومه ، فإنَّ قال : هو فلان ، قلنا له : فنحن لم نر وجهه ولا عرفنا شخصه فكيف يكون إماماً لنا وشهيداً علينا؟! فإنَّ قال : إنّكم وإن لم تعرفوه فهو موجود الشخص معروف علمه من علمه وجهله من جهله ، قلنا : سألناك بالله هل تظنُّ أنَّ المعتزلة والخوارج والمرجئة والاماميّة تعرف هذا الرَّجل أو سمعت به أو خطر ذكره ببالها؟ فإنَّ قال : هذا ما لا يضرُّه ولا يضرُّنا لأنّ السبب في ذلك إنّما هو غلبة الظالمين على الدّار وقلّة الأعوان والأنصار ، قلت له : لقد دخلت فيما عبت وحججت نفسك من حيث قدَّرت إنّك تحاج خصومك ، وما أقرب هذه الغيبة من غيبة الاماميّة غير أنّكم لا تنصفون.
ثم يقال : قد أكثرت في ذكر الجهاد ووصف الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حتّى أوهمت أنَّ من لم يخرج فليس بمحقٍّ ، فما بال أئمّتك والعلماء من أهل مذهبك لا يخرجون ، وما لهم قد لزموا منازلهم واقتصروا على اعتقاد المذهب فقطّ؟ فإنَّ نطق بحرف فتقابله الاماميّة بمثله. ثمّ قيل له برفق ولين : هذا الّذي عبته على الاماميّة وهتفت بهم من أجله وشنعت به على أئمّتهم بسببه وتوصلت بذكره إلى ما ضمّنته كتابك ، قد دخلت فيه وملت إلى صحّته ، وعوَّلت عند الاحتجاج عليه ، والحمد لله الّذي هدانا لدينه.
ثمَّ يقال له : أخبرنا هل في العترة اليوم من يصلح للامامة؟ فلابدّ من أن يقول : نعم فيقال له : أفليس إمامته لا تصحُّ إلّا بالنص على ما تقوله الاماميّة ولا معه دليل معجز يعلم به أنَّه إمام وليس سبيله عندكم سبيل من يجتمع أهل الحلِّ والعقد من الاُمّة فيتشاورون في أمره ثمّ يختارونه ويبايعونه؟ فإذا قال : نعم ، قيل له : فيكف السبيل إلى معرفته؟