الحسن رأى الخراج على ربّ الأرض ، ولم ير على المستأجر شيئا. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : أجرة من يقسم غلّة العشر والخراج ، من أصل الكيل. وكان سفيان يرى أن أجور الخراج على السلطان وأجور العشر على أهل الأرض. وقال مالك بن أنس : أجور العشر على صاحب الأرض وأجور الخراج على الوسط. وقال مالك وأبو حنيفة وعامّة الفقهاء : إذا عطّل رجل من أهل العنوة أرضه أمر بزراعتها وأداء خراجها ، فإن لم يفعل أمر أن يدفعها إلى غيره ، وأما أرض العشر فلا يقال له فيها شيء إن زرعت أخذت منه الصدقة وإن أبى فهو أعلم. وقالوا : إذا بني في أرض العشر بناء من حوانيت وغيرها ، فلا شيء عليه ، وإن جعلها بستانا لزمه الخراج. وقال مالك بن أنس وابن أبي ذؤيب وأبو عمرو الأوزاعي : إذا أصابت الغلّات آفة ، سقط الخراج عن صاحبها ، وإذا كانت أرض من أراضي الخراج لعبد أو مكاتب أو امرأة ، فإن أبا حنيفة قال : عليها الخراج فقط. وقال سفيان وابن أبي ذؤيب ومالك : عليها الخراج وفيما بقي من الغلّة العشر. وقال أبو يوسف في أرض موات من أرض العنوة ، يحييها المسلم ، إنها له ، وهي أرض خراج إن كانت تشرب من ماء الخراج ، وإن استنبط لها عينا ، أو سقاها ماء السماء ، فهي أرض عشر. وقال بشر : هي أرض عشر شربت من ماء الخراج أو غيره. وقال أبو يوسف : إن كان للبلاد سنّة أعجمية قديمة لم يغيّرها الإسلام ولم يبطلها ، ثم شكاها قوم إلى الإمام ، وسألوه إزالة معرّتها ، فليس له أن يغيرها. وقال مالك والشافعي : يغيّرها وإن قدمت ، لأن عليه إزالة كل سنّة جائزة سنّها أحد من المسلمين ، فضلا عمّا سنّ أهل الكفر. فهذا كاف في حكم أراضي الخراج.
وأما حكم أراضي العشر : فهي ستة أضرب ، منها الأرضون التي أسلم عليها أهلها ، وهي في أيديهم ، مثل اليمن ، والمدينة ، والطائف ، فإن الذي يجب على هؤلاء ، العشر. وقد أدخل بعض الفقهاء في هذا القسم أرض العرب الذين لم يقبل منهم إلا الإسلام أو السّيف ، وكان بين من أسلم طوعا وبين من أسلم كرها ، فرق قد بيّنه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بالفعل ، وذاك أنه جعل لأهل الطائف الذين كان إسلامهم طوعا ما لم يجعل لغيرهم ، مثل تحريمه واديهم ، وأن لا تغيّر طوائفهم ، ولا يؤمّر عليهم إلا منهم ، وأخذ من دومة الجندل بعض أموالهم ، واستثنى عليهم الحصن ونزع الحلقة وهي السلاح والخيل ، لأنهم جاءوا راغبين في الإسلام غير مكرهين ، فأمّنهم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وكان ذلك بعد أن غلب المسلمون على أرضهم فلم يؤمن غدرهم ، فلذلك أخذ سلاحهم ، ومثل ذلك صنع أبو بكر ، رضي الله عنه ، بأهل الردّة بعد أن قهروا ، فاشترط عليهم الحرب المجلية ، أو السلم المخزية ، بأن ينزع منهم الكراع والحلقة ، ومنها ما يستحييه المسلمون من أرض الموات التي لا ملك لأحد من المسلمين أو المعاهدين فيها ، فيلزمهم العشر في غلّاتها ، ومنها ما يقطعه الأئمة بعض المسلمين ، فإذا صار ، في يده بذلك ، الاقطاع ، لزمه فيه الزكاة ، وهي العشر أيضا ، ومنها ما يحصل ملكا لمسلم مما يقسمه الأئمة من أراضي العنوة بين من أوجف عليها من المسلمين ، ومنها ما يصير بيد مسلم من الصفايا التي أصفاها عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، من أراضي السواد ، وهي ما كان لكسرى خاصّة ولأهل بيته ، ومنها ما