فيها ، ذهب إلى وقته من العام المقبل لا يزيد يوما ولا ينقص يوما في خروجه وانقطاعه ، وهو شفاء للمرضى يأتونه من كل وجه. ويقال إنّه يكثر إذا كثر الناس عليه ويقلّ إذا قلّوا عنه ، وقال محمّد بن بشّار الهمذاني يصف أروند :
سقيا لظلّك يا أروند من جبل ، |
|
وإن رميناك بالهجران والملل |
هل يعلم الناس ما كلّفتني ، حججا ، |
|
من حبّ مائك ، إذ يشفي من العلل؟ |
لا زلت تكسى من الأنواء أردية |
|
من ناضر أنق ، أو ناعم خضل |
حتى تزور العذارى ، كلّ شارقة ، |
|
أفياء سفحك يستصبين ذا الغزل |
وأنت في حلل ، والجوّ في حلل ، |
|
والبيض في حلل ، والرّوض في حلل |
وقال محمد بن بشّار أيضا يصف أروند :
تزيّنت الدنيا وطابت جنانها ، |
|
وناح على أغصانها ورشانها |
وأمرعت القيعان واخضرّ نبتها ، |
|
وقام على الوزن السّواء زمانها |
وجاءت جنود من قرى الهند لم تكن ، |
|
لتأتي إلّا حين يأتي أوانها |
مسوّدة دعج العيون ، كأنما |
|
لغات بنات الهند يحكي لسانها |
لعمرك! ما في الأرض شيء نلذّه |
|
من العيش ، إلّا فوقه همذانها |
إذا استقبل الصيف الربيع وأعشبت |
|
شماريخ من أروند ، شمّ قنانها |
وهاج عليهم ، بالعراق وأرضه ، |
|
هواجر يشوي أهلها لهبانها |
سقتك ذرى أروند ، من سيح ذائب |
|
من الثلج ، أنهارا عذابا رعانها |
ترى الماء مستنّا على ظهر صخره ، |
|
ينابيع يزهي حسنها واستنانها |
كأنّ بها شوبا من الجنّة ، التي |
|
يفيض على سكّانها حيوانها |
فيا ساقي الكأس اسقياني مدامة ، |
|
على روضة يشفي المحبّ جنانها |
مكلّلة بالنّور تحكي مضاحكا ، |
|
شقائقها في غاية الحسن بأنها |
كأنّ عروس الحيّ ، بين خلالها ، |
|
قلائد ياقوت زهاها اقترانها |
تهاويل من حمر وصفر ، كأنّها |
|
ثنايا العذارى ضاحكا أقحوانها |
وأشعار أهل همذان في أروند ووصفهم متنزّهاتها كثير ، وفيما ذكرناه كفاية.
أَرُونُ : بالفتح ثم الضم ، وسكون الواو ، ونون : ناحية بالأندلس من أعمال باجة ولكتّانها فضل على سائر كتّان الأندلس.
أَرْوَى : بالفتح ثم السكون ، وفتح الواو ، والقصر ، وهو في الأصل جمع أروية : وهو الأنثى من الوعل ، وهو أفعولة إلّا أنهم قلبوا الواو الثانية ياء وأدغموها في التي بعدها وكسروا الأولى لتسلم الياء ، وثلاث أراويّ فإذا كثرت فهي الأروى على أفعل ، بغير قياس ، وبه سميّت المرأة ، وهذا الماء أيضا وهو بقرب العقيق عند الحاجر يسمّى مثلثة أروى : وهو