بالحيرة ، ولقد ذكرنا أن بيت المال كان ضمن هذا القصر. ثم طرأت
سرقة هذا البيت ، فتقرر هدم المسجد وجعله قريبا من القصر ومحاذيا له ، فأعيد بناء المسجد والقصر مرّة أخرى انطلاقا من بقايا
قصر ساساني بالحيرة . يورد سيف ذلك وكأنه يذكره للمرة الأولى .
الواقع أن المسجد
الحالي ملاصق لميمنة القصر في اتجاه القبلة ، بالصورة التي بيّنها سيف ، كما بقيت
آثار نفق من العصر الأموي ، إلا أن الوصل قد تم في المستوى الأموي المتأخر ،
بالسور الخارجي للقصر ، ويمتد ضلعه على أكثر من ١٦٨ مترا . ومن المفارقة أن الآثار الوحيدة التي تبقت من المستوى
الأول للحفريات توجد من جهة المسجد ، لكن في الحوزة الداخلية التي كانت تحدد محيطا
ضلعه ١١٤ مترا ، أي بتراجع يقدر ب ٣٠ مترا ، بالنسبة إلى حائط المسجد.
ليس من شك في أن القصر الأصلي المشيد لم يكن يتجاوز الحزام الداخلي . وبما أن الزوايا الأموية الملاصقة للمسجد ما زالت قائمة ،
فمن المرجح أن حدود المسجد الحالي ، الذي تأخر بناء جدرانه ، تعود إلى العصر
الأموي ، مع أنها تتراجع قليلا إلى الداخل بما قدره ٣ أمتار و ٦٠ سم. ولا تتوفر
لدينا أية معلومات عن اتساع القصر على حساب المسجد ، بل بالعكس! لقد بني المسجد
لاستقبال ٠٠٠ ، ٤٠ شخص في ولاية سعد ، وجرى توسيعه في إمارة زياد ، بحيث صار يحوي
٠٠٠ ، ٦٠ شخص . ولإنقاذ رواية سيف ، يكمن الحل الوحيد في التفكير في
اتساع القصر بين السورين وعلى حساب المسجد الذي امتد في اتجاه الشمال ، فعاد بذلك
إلى موقعه السابق. وفي هذا المعنى ، هناك مؤشرات قليلة وكثيرة الغموض. لكن ألا
يقرب من المعقول أن نفكر بخصوص ما يقوله سيف ، في عملية إعادة بناء ذهنية تمت في
وقت لا حق؟ كانت مواد الحيرة موجودة فعلا ، لكن النمط المعروف بالنمط الحيري ينتمي
إلى الطبقة الأثرية الشائعة في العصر العباسي
__________________