ألفا ، فصارت الكلمة : «تراينّ» فالتقى ساكنان الألف وتلك الياء الأولى (١) ؛ حذفت الألف لالتقاء الساكنين ، فصارت «ترينّ» فالتقت ياء المخاطبة ساكنة مع النون الأولى من النون المشددة ، فحركت الياء بالكسرة ، إذ لا يجوز حذفها لعدم وجود كسرة قبلها تدل عليها ، ولا يجوز حذف النون الأولى من المشددة ؛ لأن المقام يتطلبها مشددة ؛ فلم يبق إلا تحريك الياء بالكسرة التى تناسبها ؛ فصارت : ترينّ. وبمناسبة ما سبق من تحريك واو الجماعة وجوبا نذكر قاعدة لغوية عامة تتصل بواو الجماعة ؛ هى : أنها فى غير الموضع السابق تضمّ ـ فى الأغلب ـ إذا كان ما قبلها مفتوحا وما بعدها ساكنا ، نحو : الصالحون سعوا اليوم فى الخير ، ولن يسعوا الغداة فى سوء ؛ فارضوا الخطة التى رسموها.
و ـ وجود التوكيد فى المثالين الأولين (تقومنّ ، وتقومنّ) قد يوهم أنها متصلة بآخر المضارع اتصالا مباشرا يقتضى بناءه ؛ لكن الحقيقة غير ذلك ؛ فهو معرب ، واتصال النون به ظاهرى ؛ لا عبرة به ؛ لأنه فى الحقيقة مفصول منها بفاصل مقدر (أى : خفى غير ظاهر) هو ؛ واو الجماعة المحذوفة ، أو ياء المخاطبة المحذوفة ، وكلاهما محذوف لعلة ، والمحذوف لعلة كالثابت ـ كما أشاروا (٢) ـ لهذا يكون المضارع فى المثالين السالفين معربا ؛ لا مبنيّا ؛ لأن نون التوكيد مفصولة منه حقيقة وتقديرا. أما فى بقية الأمثلة (تقومانّ ـ تبلونّ ـ ترينّ) فالنون لم تتصل أيضا بآخره ؛ لوجود الفاصل المنطوق به ، الحاجز بينهما ، ونعنى به : الضمير (ألف الاثنين ـ واو الجماعة ـ ياء المخاطبة). فالمضارع هنا معرب أيضا ؛ لأن نون التوكيد لم تتصل بآخره اتصالا مباشرا. وهذا شأن المضارع دائما ؛ يظل محتفظا بإعرابه ، على الرغم من وجود نون التوكيد بعده إذا لم تكن متصلة بآخره اتصالا مباشرا ؛ بحيث لا يفصل بينهما فاصل لفظى ، مذكور أو مقدر.
ولهذا ضابط صحيح مطرّد ؛ هو أن المضارع إذا كان مرفوعا بالضمة قبل مجىء نون التوكيد ؛ فإنه يبنى بعد مجيئها ؛ لأن الاتصال يكون مباشرا. وإن كان مرفوعا بالنون قبل مجيئها فإنه لا يبنى ؛ لوجود الفاصل الظاهر أو المقدر وهو : الضمير.
__________________
(١) التى هى حرف أصلى من أصول الكلمة وليست ياء المخاطبة.
(٢) انظر هامش الصفحة السابقة